جمال زهران
موقف شعبى رافض لقرار ترامب
لاشك أن المنطقة العربية تشهد حالة من الارتباك، بعد أن أصدر الرئيس الأمريكى (ترامب)، قراريه (الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس). وهذا الارتباك الذى يواجه المنطقة فوق ارتباكها أصلاً، سبب القلق والحيرة للأنظمة العربية الحليفة للولايات المتحدة.
ولم يصدر الرؤساء الأمريكيون هذه القرارات منذ عام 1995م وللآن، بل لم يغامروا بإصدارها، بل كان التأجيل والتسويف هو الحل على مدى 22 عامًا، إلى أن جاء ترامب لرئاسة الولايات المتحدة فى يناير 2017م. حيث كان يميل إلى التنفيذ، ولكن قرر التأجيل (6) أشهر، يكون فيها قد أعد المسرح تمامًا. وفى سياق ما يتم الترويج له حول صفقة القرن صدرت القرارات الأمريكية لتصبح واقعًا عمليًا. ولم يخفف من وطأة هذه القرارات ما نشر على أن البيت الأبيض قد اتصل بعدد من الرؤساء والملوك العرب يخطرهم فيها قبل إعلان القرار بـ (24) ساعة. وقد كانت هناك ردود فعل كبيرة على جميع المستويات، لعل فى مقدمتها من وجهة نظرى هو اشتعال «انتفاضة القدس والسيادة» فى الأرض المحتلة، بعزم وإرادة الشعب الفلسطينى البطل، وهى أكبر ضمان لشحن إرادة الشعوب العربية والإسلامية بالتحرك لإجبار أمريكا على الرجوع عن هذه القرارات.
ومن بين ردود الفعل، الإعلان الفلسطينى عن توقيف عملية السلام وسقوط الراعى الرسمى للمفاوضات وهو الولايات المتحدة الأمريكية على لسان الرئيس الفلسطينى (محمود عباس ـ أبو مازن) فى مؤتمر القمة الإسلامية الذى انعقد فى استانبول بتركيا. وذلك باعتبار أن الانحياز الأمريكى السافر لمصلحة إسرائيل، أفقد الولايات المتحدة مصداقيتها ونزاهتها فى رعاية عملية السلام. ومن ثم فإن استمرار الحديث مع الإدارة الأمريكية فى ضوء ما صدر وحدث، هو عبث ومضيعة للوقت الذى طال منذ منتصف التسعينيات بالقرن الماضى وللآن لم يحدث فى الواقع العملى شيء، كما لم يتم تنفيذ إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وأصبح كل ما قيل على لسان الرؤساء الأمريكيين منذ ذلك الوقت وللآن، سرابًا.
وقد كان مقررًا أن يقوم نائب الرئيس الأمريكى (بنس)، بزيارة فى المنطقة عقب القرارين للشرح والترويض والتخدير، ولكنها تأجلت بعض الوقت. وقد كان موقف فضيلة شيخ الأزهر (د. أحمد الطيب)، وقداسة البابا تواضروس (بابا الكنيسة)، برفض مقابلة نائب الرئيس الأمريكي، وإعلانهما رفض هذين القرارين، والإعلان عن مطالبة الشعوب العربية والإسلامية بمقاطعة المنتجات الأمريكية، هو تعبير عن الموقف الشعبى الرافض للسياسة الأمريكية المنحازة والداعمة لإسرائيل على حساب الحق العربى فى فلسطين. كما أنهما أكدا فى موقف واضح لا لبس أو غموض فيه، أن القدس عربية فلسطينية، وبها المقدسات الإسلامية والمسيحية، منذ آلاف السنين، ويستحيل التفريط فيها لإسرائيل أو غيرها، بل طالبا الرئيس الأمريكى ترامب بالرجوع فى القرارين فورًا، وإلا فإنهما يعلنان الجهاد حتى إسقاط هذه القرارات. والمتابع للإعلام، وضيوفه وكتاب الرأى فى الصحف، حتى مانشيتات الصحافة رسمية أو غير رسمية، جميعها تصب وتؤكد عدم شرعية القرارات.
وفى هذا السياق، فإن الخطاب الرسمى والمواقف الرسمية لابد من توافقها مع الموقف الشعبى وسد هذه الفجوة.