عام أوشك على الانتهاء، عام ملىء بالأحزان، فهذا يعد من الأعوام التى أعتبرها فى حياتى كأنها لم تأت، ففيه فقدت أعز الأصدقاء والأقرباء، وفيه تعرضت الأمة العربية لمحنة كبيرة وفيه تباعد الأشقاء بسبب الصراع على الزعامة، وكانت الضحية هو الشعب العربى فهو عام ملىء بالمصاعب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ففى عام 2017 لم تسر الأمور كما توقعنا، وكنا نأمل أن نعبر فيه المرحلة الانتقالية بكل ما فيها من متاعب وصعاب، وأن ترى مصر نمواً حقيقياً وتقدماً اقتصادياً، وأن يستعيد الشعب المصرى أخلاقه وقيمه، لكنَّ الارهاب الأسود أبى أن يتركنا فى حالنا، وأسقط منا العشرات، وآخرها هذا الحادث غير الإنسانى بمسجد الروضة، وهو حادث يؤكد أن الإرهابيين ليسوا مسلمين أو مؤمنين، إنما هم مجرمون.
وفيه أيضا خرج علينا الرئيس الأمريكى بقرار عجز سابقوه عن اتخاذه، واعتبر القدس عاصمة لإسرائيل، وهو القرار الذى ما زلنا فى حالة عجز عن مواجهته، رغم أن الاقتصاد الأمريكى قائم على الأموال العربية، وأن الدول العربية هى أكبر مشترٍ لأذون الخزانة الأمريكية، وهى أكبر مستثمر فيها، ويمكن أن نحارب مثل هذه القرارات بالعقاب الاقتصادى، لكن على ما يبدو نحن عاجزون لدرجة أنه لم يبال بكل هذا فقد فضح القرار هذا العجز.
وفيه، أيضاً، تم كشف من يمول الإرهاب فى المنطقة وظهر من كان يدعم داعش وجبهة النصرة وجماعة الإخوان والجماعات الأخرى، ومن كان يحمى قادتها فى فنادقها، ويصرف عليهم ملايين الدولارات، وللأسف كانت دولة عربية كنا نقدرها ونحترمها وهى قطر، وعندما اتخذت البلدان المتضررة من الإرهاب موقفاً فوجئنا بدولتين أخريين تقفان بجانبها، وهما إيران وتركيا، وتم الكشف عن ثالوث الإرهاب فى العالم، وأن تنظيم الاخوان الذى يحكم تركيا وقطر مع ملالى إيران هما رأس الفتنة فى المنطقة وهما يريدان أن تكون المنطقة العربية دولاً دينية مثلما يريد الكيان الصهيونى وهو المخطط الذى دعمه الرئيس الأمريكى بقراره الأخير.
وفى هذا العام ايضاً على المستوى الشخصى وفى نهايته فقدت صديقين عزيزين هما المرحوم عبدالله خليل والمرحوم ممدوح تمام المحاميين وهما من انشط العاملين فى العمل العام فالصديق عبدالله خليل كان مخلصاً للدفاع عن الحريات وعن حقوق الإنسان وعن حق الناس فى التعبير بحرية وحقها فى المعرفة؛ لأن من يملك المعلومات والمعرفة يكون أكثر حنكة وأدباً فى التعبير عن رأيه لذا كرس حياته للدفاع عن هذه الحقوق الإنسانية التى خلقت مع الإنسان، ولا يجوز لأحد أن ينتزعها منه او يقلل منها.
اما الصديق ممدوح تمام فكان نقابياً بارزاً وكان مدافعاً صلباً عن مهنته مهنة المحاماة وعن نقابة المحامين، وكان عوناً لكل محام يبدأ طريقه وكان يرى أن نقابة المحامين هى صوت الحق، فهى كما كان يطلق عليها قلعة الحريات، وكانت معركته الأخيرة كيف تعود النقابة إلى دورها الوطنى مرة أخرى.
فهو عام الأحزان والكوارث، وعام مرت أيامه ثقيلة وندعو الله أن يكون العام القادم خيراً منه، وأن تنعم بلادنا بالأمن والاستقرار، وأن تقطع يد الإرهاب فيه.