جلاء جاب اللة
صناعة المستقبل وشباب الأمل
المستقبل بيد الله.. "إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون".. تلك حقيقة إيمانية لا شك فيها ولا ريب.. ولكن الله سبحانه وتعالي هو الذي حدد سننه في خلقه وفي الأرض وطالبنا بالعمل لكي نصنع المستقبل.. بداية من الفكرة.. "أفلا يتفكرون".. "أفلا يتدبرون".. ثم العمل "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات" جملة تكررت في القرآن كثيراً.. بعد أن نحدد الهدف الذي نسعي إليه.. ولأن الشباب هم عصب الحياة وهم أهم آليات تحقيق الهدف فكان طبيعياً أن يكون الشباب هم وقود صناعة المستقبل.
تلك المقدمة أراها ضرورية في هذا التوقيت الصعب من عمر مصر عندما نتحدث عن الشباب وصناعة المستقبل.
"الشباب وصناعة المستقبل" كان عنواناً لندوة في الجامعة المصرية الصينية.. وبدعوة كريمة من رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور أشرف الشيحي وزير التعليم العالي وبحضور السفير المتميز محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق وصاحب الرؤية الدبلوماسية المتميزة وبرفقته صاحب الرؤية الوطنية الصادقة اللواء الدكتور مصطفي هدهود محافظ البحيرة الأسبق والزميل الرائع والأخ المحترم ماهر عباس.. وكاتب هذه السطور.
لماذا الشباب وصناعة المستقبل في هذا التوقيت؟
ببساطة شديدة نحن نسابق الزمن في تحقيق الإنجازات والمشروعات القومية التي تعد بنية تحتية أساسية للمستقبل وكما حدد محمد علي في النهضة الحديثة الأولي أساسيات صناعة المستقبل من خلال إعداد الإنسان المصري لهذا الإنجاز.
كان هدف جمال عبدالناصر وهو يضع أساسيات النهضة الحديثة.. وهو ما يتكرر الآن مع عبدالفتاح السيسي وهو يضع أسس مرحلة النهضة الحديثة الثالثة في تاريخ مصر.
المراحل الثلاث أساسها الشباب والإنسان المصري بشكل عام لذلك كانت البعثات والتعليم والتدريب وإحياء التراث سلاح محمد علي لبناء الإنسان المصري الحديث وكان الفكر والتعليم والصحة والصناعة والعدالة الاجتماعية والقومية العربية سلاح عبدالناصر لإعداد وصناعة المستقبل من خلال الشباب.. وهو نفس ما يفعله الرئيس السيسي الآن من خلال أربعة محاور أساسية الأولي هي الإنسان المصري خاصة الشباب و المرأة باعتبارها أساس البناء الحديث وروح العطاء المصري الأصيل والمحور الثاني هو المشروعات الكبري التي تعد البنية الأساسية لصناعة المستقبل بعد أن تهالكت البنية الأساسية لمصر والتي أسسها عبدالناصر قبل نكسة 1967.. لتبدأ بعدها معارك الوجود ضد الصهيونية ثم الحرب الصهيونية الشرسة والمؤامرات ضد مستقبل مصر وهو ما يتكرر الآن بأشكال أخري.
المحور الثالث هو فتح الأبواب المغلقة في العلاقات المصرية الدولية وتقديم النموذج المصري الوطني القومي العربي الأفريقي لتعود مصر قوة إقليمية دون دخول في حروب جانبية.. والمحور الرابع هو اللحاق بركب التقدم الإنساني العالمي لنبدأ بداية جادة تكنولوجية فكرية أساسها التعليم والصحة.
ولعل رؤية تطوير التعليم التي أقرت مؤخراً ثم قانون التأمين الصحي هي البداية لتحقيق هذا المحور.
صناعة المستقبل.. ليست هدفاً فقط بل وسيلة أيضاً لتحقيق الرخاء والرفاهية وعودة دور مصر الإقليمي.. ولأن الشباب هم وقود هذه الصناعة وأساسها فكان لابد من الحوار مع الشباب.. وهو ما حدث فعلاً في الجامعة المصرية الصينية ومن قبل جامعة الزقازيق ومن بعدها الكثير من الحوارات الشبابية خاصة أن الشباب هم هدف المؤامرات الصهيونية لإيقاف خطة صناعة المستقبل.
شبابنا هدف المؤامرة فكرياً من خلال التطرف يميناً ويساراً.. بمعني أن الحرب الفكرية ضد شبابنا تستهدف التطرف دينياً ومجتمعياً نحو اليمين أو اليسار.. إما أن تكون منغلقاً متنطعاً.. متطرفاً إرهابياً.. تحارب الفكر وتؤمن بالجمود ولا تعمل عقلك نحو المستقبل.. وإما أن تكون منفتحاً بلا حدود وبدون ضوابط شرعية أو قيمية أو مجتمية فتتحول إلي مجتمع منحل بعيد عن أصولنا وقيمنا وديننا وبالتالي نهدم صناعة مستقبلنا.
كلاهما خطر.. وكلاهما هدف لمن يقود الحرب ضد مصر.. هناك من يقود الشباب نحو التطرف الديني بحجة البحث عن جنة الخلد بعد الموت خاصة هؤلاء الذين يكفرون المسلمين.. وعن جهل ودون وعي يعيشون حالة الالتزام الديني المنغلق ويكونون هم نواة صناعة الإرهاب.
وفي المقابل يكون التطرف والإنحلال وعدم الالتزام بالقيم أو الأخلاق أو الأصول في شكل من الانفتاح والتحلل السلبي ليكون هؤلاء هم نواة صناعة التخلف والفساد.
حرب مزدوجة يواجهها الشباب بلا شعور أو وعي لأن من يحارب يعرف ويجيد فن الوصول إلي النفس البشرية بسهولة ونجح في دراسة شبابنا ومجتمعاتنا وتاريخنا دراسة متأنية ذكية وفهم كيف يصل إلي عقل وفكر وروح الشباب بسهولة.. إما أن يجعل هدفهم الجنة في الآخرة وبالتالي يبيعون الدنيا ويرونها الدار الفانية وهم علي حق في رؤيتهم وعلي باطل في وسيلتهم وفهمهم الخطأ لأصول الدين وللأسف نحن أمة لا تقرأ وإذا قرأت لا تفهم وإذا فهمت لا تعمل بما فهمت به.
نموذج بسيط جداً لو قرأناه بشكل هادئ لعرفنا أن التاريخ يعيد نفسه في حرب التتار ضد الخلافة العباسية حيث تم استغلال تطرف الشباب في عهد الخليفة المستعصم ونجح جواسيس التتار في خلق حالة من الخوف والهلع من التتار.. وخلق حالة من الانحلال الأخلاقي في مجتمعات شبابية في ذلك الوقت وبالتالي كان من السهل علي التتار اختراق صفوف المسلمين واحتلال بغداد بسهولة.
نفس الأسلوب كان في الاحتلال الذي رفع شعار الصليب لاحتلال القدس ثم الخلافات الدائمة بين الدول الإسلامية وبعد أن كانت الخلافة دولة واحدة في عهد الخلفاء الراشدين ثم الأمويين ثم الدولة العباسية بدأت حرب التقسيم للدول الإسلامية وتم تقسيم الخلافة ليسهل هزيمتها.. وهو ما يحدثنا عنه التاريخ دائماً.. الحال نفسه يتكرر.. وخطة التقسيم التي كانت في 1916 باسم معاهدة سايكس بيكو تتكرر الآن وبخطة صهيونية واضحة بالذات في لبنان والسودان ثم العراق بشكل أكثر وضوحاً وبعدها سوريا واليمن وليبيا ومن يدري من يكون بعد ذلك؟.
نفس الخطة ومن خلال الشباب الذي قاد ببراءة وطنية ثورات الربيع العربي ثم نجح حلفاء الصهيونية والاستثمار الجديد ومعظمهم كان معداً منذ فترة لهذه المهمة.. ونجحوا في استغلال الثورات وقيادتها نحو الهاوية ولولا أن الله سبحانه وتعالي كتب لمصر دائماً الأمن والأمان ما كان الله قد هدانا لثورة 30 يونيو التي غيرت "برغم أنف الصهيونية العالمية ومن يساعدها من مخابرات عالمية" مسار الخطة ومسار المؤامرات.
مصر مازالت تتعرض لنفس الخطة والمؤامرة هنا وهناك علي كل الأصعدة.. وكلما حققت مصر نجاحاً زادت ضربات المتآمرين وكلما اقتربت مصر من تحقيق هدف زادت المؤامرات وتغيرت الخطط الصهيونية لحصار مصر سواء من الجنوب في أثيوبيا وحتي السودان.. أو في الغرب أو الشرق أو حتي التهديد في البحر وإن كانت مصر قد خطت خطوات رائعة في التنسيق بل والتعاون مع قبرص واليونان ثم إيطاليا.
نعود إلي السؤال: وأين الشباب؟
الشباب هم هدف كل هذه المؤامرات لأن وطناً بلا شباب له هدف وقوة وقدرة.. فهو وطن ضعيف جاهز للسقوط.. ومن هنا فإن شبابنا أقوي من كل هذه المؤامرات في معظمه وبرغم ما نراه علي المقاهي من تواجد نسبة عالية من الشباب بل والشابات.. وبرغم بعض المسلسلات الدرامية التي تحاول بث روح الانحلال في المجتمع كمسلسل "سابع جار" الذي يعرض حالياً في إحدي القنوات ويقدم نموذجاً سيئاً لشباب مصر وكأنه الواقع والشباب منهم بريء وبرغم الاستهداف التكفيري لعقول شبابنا في الناحية الأخري إلا أن معظم شبابنا والحمد لله وسطي معتدل لكنه يحتاج إلي دعم وقوة ومساندة مجتمعية وليست رسمية فقط.
مطلوب أن نعيد صناعة الفكر وصياغة العقل والروح الشبابية منذ الصغر وليست كخطة مواجهة مع الخطة الصهيونية بل كخطة بناء وتنمية وتحقيق الأمل.
شبابنا قادر ويستطيع ان يحقق ما نريده منه ولكن المهم ان نسانده ونضيء له الطريق ونتركه يبدع وندعمه في إبداعه.. ونفتح له مجالات الإبداع والإنجاز والتميز.. وعلينا ان نؤمن بأن شبابنا قادر بحق علي صناعة المستقبل بإذن الله.
همس الروح
نبض القلب.. عنوان الحب.. وسكونه يقتل الإحساس.
** قل لي ماذا تريد.. أقل لك من أنت.
** قد يولد الحب ويكبر وسط الحزن والألم ولكنه لا يعيش بدون إحساس.
** دواء الحب.. هو الحب.. وعلاج أمراض الحب مزيد من الحب.
** ليست كل القلوب تعرف معني الحب.. وليس كل مدع للحب يملك قلباً.