الأخبار
نعم الباز
مصر البشر - «جو»
تعودت مشاركة القراء ـ الذين اعتبرهم أخلص الأصدقاء ـ الذكريات، والأحداث العامة والخاصة، وحتي الكتب التي حين أقرأها وأجد فيها ما يمتعني فأرغب في تقاسم هذه المتعة معك أيها القارئ العزيز.
أحكي لكم اليوم عن إحدي أيقونات مصر البشر، صديقي »جو»‬، أو العظيم يوسف شاهين الذي تذكرته وأنا أعيد قراءة كتاب الناقد الكبير إبراهيم العريس »‬يوسف شاهين: نظرة الطفل وقبضة التمرد». وأنا أعتبر هذا الكتاب الوجه الآخر لسيرة شاهين السينمائية التي قدمها في أفلام: »‬إسكندرية ليه» »‬حدوتة مصرية»، »‬إسكندرية كمان وكمان» و»‬اسكندرية نيويورك» وللعجب، كما يؤكد شاهين، فإنه اعتبر فيلمه المثير للجدل »‬المهاجر» أحد فصول سيرته الذاتية حين شبه رحلة البطل »‬رام» إلي مصر من أجل العلم والمعرفة برحلته، صغيرا، إلي أمريكا لطلب العلم!
وقد استوقفني، بداية، عنوان الكتاب الذي يختزل بكلمات دالة، شخصية شاهين، فقد ظل »‬جو» طفلا متمردا مشاكساً حتي بعد أن تخطي أعوامه الثمانين.
يعرض إبراهيم العريس، في كتابه، مراحل شاهين السينمائية المختلفة بداية بالكوميديا والكوميديا الموسيقية في »‬بابا أمين» و»‬أنت حبيبي» وغيرهما ثم الميلودراما الموسيقية في »‬سيدة القطار». ثم يبدأ شاهين الاهتمام بالقضايا الايديولوجية وصراع الطبقات الكادحة ضد الرأسمالية المستغلة أو الإقطاع في »‬صراع في الوادي» و»‬صراع في الميناء» و»‬باب الحديد» ثم يخرج »‬جو» إلي آفاق أرحب خارج حدود الوطن مصر إلي مناقشة قضايا الوطن الأكبر في تصويره للصراع ضد المستعمر الفرنسي في »‬جميلة الجزائرية» وصولا إلي استلهامه التاريخ للتعبير عن الواقع العربي المعاصر في »‬الناصر صلاح الدين» ومثل ناس مصر الطيبين، يرفض شاهين الانكسار أمام هزيمة ١٩٦٧ ويحارب بسلاحه، بفنه، ويقدم أفلاما يعرض فيها للسلبيات التي أدت بنا إلي الهزيمة وذلك في أفلام »‬الاختيار» و»‬العصفور» و»‬عودة الابن الضال» تلك الأفلام التي كانت صرخة ليفيق المصريون ويعبروا من الهزيمة إلي النصر بمواجهة الأخطاء السابقة والإيمان بقدرتنا كشعب.
عذراً عزيزي القارئ فقد استرسلت في الإبحار في تاريخ يوسف شاهين الفني وهو ما قد تمتلئ به صفحات العشرات من المقالات والدراسات، التي أري أن من أهمها هذا الكتاب الذي بين يدي.
في النهاية، فإن سعادتي الآن ـ بعد أن خذلني جسدي ـ أصبحت بين دفتي صفحات كتاب أو مشاهدة فيلم أو متابعة وثائق عن حضارات وشعوب مختلفة، فأحلق مع تلك الأعمال واستعيد ذكريات أيام كنت فيها كالنحلة لا أثبت في مكان والتقط كل ما تقع عليه عيناي من كل العالم لأنقله إليك عزيزي القارئ.
إن هذا الكتاب السيرة، استطاع أن يطرح رؤية شاملة لشاهين، الذي عرفته وصادقته في سنواته الأخيرة للأسف!
في النهاية أترككم مع مقتطف من كتاب إبراهيم العريس ينقد فيه يوسف شاهين نقداً ذاتياً وهو يتحدث عن فيلم »‬المهرج الكبير»، لنعرف من هو »‬جو» الحقيقي: »‬ليس هناك الكثير لأقوله عن هذا الفيلم الخفيف.. قد يكون هذا الفيلم ضعيفاً فنياً ومن الصعب أن يتذكره أحد...»
وحشتنا يا »‬جو».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف