الأخبار
خالد جبر
أضواء وظلال - سابع جار.. وسابع المستحيلات
لست من مدمني المسلسلات التليفزيونية.. ولكني أتابع أحيانا بعض المسلسلات التي أثق في مؤلفيها ومخرجيها وأبطالها من واقع تاريخهم الفني.. يعني مش أي مسلسلات والسلام.
نحن ننتج في السنة أكثر من مائة مسلسل تليفزيوني.. قليل منها متميز بمؤلفيه ومنتجيه ومخرجيه وأبطاله.. والباقي يتنوع بين المتوسط والردئ بالموضوعات التي يطرحها.. أو الإنتاج الفقير.. والإخراج الضعيف والتمثيل المبالغ فيه. هذا طبيعي في وسط هذا الكم الكبير من المسلسلات والحركة التجارية والإعلانية المصاحبة والممولة لها.
لاحظنا جميعا دخول بعض المسلسلات في دوائر لم تكن تدخل فيها مثلما دخلت الأفلام السينمائية.. مثل العنف والمخدرات والجنس.. وهي أمور قد تكون مقبولة إلي حد غير متجاوز في السينما التي يذهب إليها المشاهد بإرادته.. ولكنها لا تكون مقبولة في مسلسلات تدخل بيوتنا دون إرادتنا.. ويشاهدها بناتنا وأولادنا دون اختيار.
بعض الأعمال تنوه إلي أنه لا ينصح بمشاهدتها دون سن معينة.. إلا أن ذلك لا يمنع من تعرض الصغار لها ولو بالصدفة.. وأصحاب الأعمال يدركون جيدا أن هذا الإعلان عن سن المشاهد لا يتحقق.. وإنما هو يخلي مسئولياتهم.. ولكني لا أري أن ذلك يعفيهم والقنوات التي تعرضها من المسئولية.. وهنا يجيء دور الهيئة الوطنية للإعلام وجمعيات حماية المشاهد التي تقوم بدور حماية المجتمع وتقاليده والأخلاقيات العامة.
دفعني إلي كتابة هذا الكلام بعد أن أوقعتني الظروف في مسلسل ظننته في البداية مسلسلا للعائلات كما أعلن المسلسل عن نفسه.. خاصة أنه كان كذلك فعلا في حلقاته الأولي.. مسلسل اجتماعي ظريف لطيف تدور أحداثه بين عائلات تعيش في عمارة واحدة يتنوع سكانها في الأعمار والاتجاهات والمشاكل.
المسلسل هو » سابع جار »‬ لمؤلفته هبة يسري التي شاركت في إخراجه مع آيتن أمين ونادين خان.. وشارك في بطولته بعض النجوم والنجمات الكبار وبعض الوجوه الشابة علي اعتبار أنها أسر فيها الكبير وفيها الصغير. لا أعرف عدد حلقات المسلسل.. ولكنه من النوع غير محدد الحلقات.. لا نهاية لأحداثه فالمشاكل الأسرية لا تنتهي.. خاصة مشاكل سكان العمارة مع انقطاع الكهرباء والمياه والبواب وتعطل الغاز والسيفون وغيرها من المشاكل التي لا يخلو منها بيت في مصر.. وكلها تعرض لها المسلسل بصورة مطولة.
وعلي الرغم من وجود تعليمات بعدم التدخين بالمسلسلات.. إلا أن المسلسل لا يخلو من مشهد تدخين.. ووصل الأمر إلي تدخين المخدرات بين شباب المسلسل.. كما تظهر البيرة والويسكي والنبيذ كمشروب عائلي.. لم نجد ابنا يحترم والديه.. من الشاب الذي هجر أباه بعد وفاة أمه وتركه مع فتاة ليل لترعاه.. والبنات الرافضات لأمهاتهن والحديث معهن بشكل غير لائق.. والأب الذي يتفق مع أبنائه علي الكذب علي أمهم.. وهو نفسه الذي يخون زوجته المخلصة له مع المدربة المتحررة بلا حدود من كل القيم.
فتاة تتفاخر بعدم عذريتها وتتفق مع زميل لها علي إنجاب طفل يتم الطلاق بينهما بعد ميلاده.. وفتاة أخري تحمل من جارها الذي كانت تحبه ثم تزوج وعاد ليقيم معها علاقة محرمة.. ونماذج أخري سلبية أجمع المشاهدون للمسلسل علي أن تصرفاتها وكلامها لا تتفق مع تقاليد الأسرة المصرية.
قد يكون مجتمعنا مليئاً بتلك النماذج البشرية.. وربما يكون هناك ما هو أسوأ.. ولكن دخول تلك الصور الي البيوت والأطفال رغم تحذيرات المنتج يمثل خدشا صريحا للأسرة المصرية والتقاليد العامة.. وينتظر المشاهدون فرصة لتصحيح تلك النماذج أو علي الأقل توضيح مصير كل شخصية معوجة بسلوكها أو تصرفاتها.
لست رقيبا علي الأعمال الفنية.. ولست مصلحا اجتماعيا أنصح بما لا أعمل به.. فقط أنا أخاف من تسرب تلك الهجمة المفسدة للمجتمع من خلال الدراما التليفزيونية مثلما اجتاحتها في السينما.
أكاد أشعر بأن إصلاح سلوكيات المجتمع المصري أصبح من سابع المستحيلات.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف