عباس الطرابيلى
هموم مصرية 23 ديسمبر.. هل نسيناه؟
غدًا.. تحل ذكرى عزيزة على كل المصريين.. 23 ديسمبر 1956.. الذى يمثل لنا نحن جيل النضال ضد الاستعمار عملاً عظيمًا يجسد الانسحاب الإنجليزى الثانى من بلادنا.. وكان الانسحاب الأول فى يونية من نفس العام ويمثل نهاية الاحتلال الانجليزى لمصر الذى استمر 74 عاما، وقام النضال الوطنى المصرى منذ عام 1882 إلى أن تحقق بمقاومة هذا الاحتلال.. أما هذا الانسحاب الثانى 23 ديسمبر 56 فلم يكن انسحابًا انجليزيًا فقط، بل كان معه انسحاب القوات الفرنسية التى اشتركت مع بريطانيا وإسرائيل فى هذا العدوان الثلاثى على بلادنا.. أما الانسحاب الإسرائيلى فقد تحقق فى مارس ولكن عام 1957 بسبب ترتيبات خاصة اشترطتها إسرائيل.
المهم أنه رغم أننا لم ننتصر عسكريًا على قوى هذا العدوان الثلاثى.. إلا أننا انتصرنا سياسيًا وارتفع اسم مصر عاليًا عالميًا.. لتقود مصر بعدها كل الشعوب المقهورة.. فتنتفض وتطرد محتليها.. ولكن أبرز علامات «النصر المصرى» يوم انسحاب القوات المعتدية تلاحم الشعب، مع قيادته السياسية وهذا التصدى المشترك لقوى العدوان.
<< وهل ننسى قيام الدولة - الحكومة - بتوزيع أكثر من 300 ألف قطعة سلاح حديث وعصرى على شباب المقاومة - وكنت واحدًا منهم - إذ كنت أول من حصل على بدايات الأسلحة التشيكية لمصر واستلمناها بالشحم من الصناديق وانطلقت تقاوم وتتصدى لأى زحف على بلادنا.. وكانت خطوة توزيع الأسلحة على شباب المقاومة أول مثال لتلاحم الشعب مع الحكومة.. وكان المثال الثانى دور المقاومة الشعبية داخل مدينته بورسعيد نفسها من تلاحم من بقى من قوات مسلحة وشرطة.. ورجال مخابرات حربية فى عمليات حولنا فيها حياة جنود الاحتلال إلى جحيم.. حتى سطَّر شعب بورسعيد ملحمة بطولية مازالت محفورة فى الوجدان المصرى.. بل ووجدان كل الشعوب الناهضة.
<< كانت طائرات الاعتداء ومدافع أساطيل المعتدين قد دمرت بورسعيد تماما ولم ينس أبطال بورسعيد وهم يحملون جرحاهم.. أو جثث شهدائهم أن يلقنوا قوات الاحتلال دروسًا كانت هى الأعظم فى ملاحم حرب الشوارع وبالذات ملحمة المدينة الروسية ستار لينجراد. واستمرت حرب الشوارع سجالاً لم تكن ترهب المقاومة لا دبابات السنتريون الرهيبة وهى أعظم دبابة كانت تمتلكها أوروبا.. ولا الطائرات المقاتلة أو القاذفة.. «كان الكل فى واحد» وكان شعب بورسعيد بطلا بكل المقاييس.
<< وبسبب هذه المقاومة أجبرنا قوات العدوان على الانسحاب.. إلى أن جاء يوم 23 ديسمبر 56 ليتحقق هذا الجلاء.. ويتقرر بعدها اعتبار هذا اليوم عيدًا وطنيًا لمصر ولكل المصريين.
ولكن سرعان ما نسينا كل ذلك. وكل هذا التاريخ ناصع البياض وكل هذا النضال.. تماما كما نسينا حتى الاحتفال بيوم الجلاء الأول بانسحاب بريطانيا - وأيضا من بورسعيد - فى 18 يونية 1956.. فلماذا ننسى كل هذه الأحداث العظيمة.. وهل هناك من ينسى أمجاده وصفحاته البيضاء؟!.
<< ويحق لأبناء المدينة الباسلة، وفيها أعمامى وأخوالى ونصف أسرتى - أن يعتبوا على الدولة المصرية.. أم يا ترى ما يجرى من أحداث الآن وهى أيضا عظيمة ينسينا عظمة تلك الأيام الخوالى.
على كل حال.. كل عام يا أبناء المدينة الباسلة وأنتم بكل خير.