الجمهورية
شكرى القاضى
ماذا لو تراجع ترامب عن قراره..؟
القرارات السياسية لا تغير حقائق التاريخ. حتي ولو كانت صادرة من رئيس الدولة الأقوي والأغني في العالم. وعندما يتمسك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقراره. باعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل. فإن مثل هذا القرار لم يأت من فراغ ولم يصدر عن رئيس معتوه أو متهور. لكنه قرار صادر بموافقة كافة مؤسسات الدولة العظمي. فواقع الحال أن الكونجرس الأمريكي كان قد اتخذ قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل منذ عام 1995 وبالتالي نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس. لكن كافة الرؤساء الأمريكيين الذين جلسوا في البيت الأبيض منذ منتصف التسعينيات كانوا يتجنبون فتح هذا الملف ويؤجلون القرار بنقل السفارة مرة تلو الأخري حتي تنتهي فترة حكمهم.
المسألة إذن لا تتعلق بتراجع شعبية الرئيس ومعاناته من عزلة داخلية. ولا خشيته من التعرض لفضيحة سياسية علي خلفية التحقيقات بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية. ففي حالة ادانته سوف يضطر إلي الاستقالة. وأيضا لا تتعلق بالهروب من معركة وهمية افتعلها مع الدب الكوري الشمالي. فما تم بالأمس القريب يأتي في إطار مسلسل آل صهيون لتفريغ القضية من مضمونها بالتزامن مع مرور مائة عام علي وعد بلفور المشئوم. وأزعم أن البيان الختامي للقمة الإسلامية التي عقدت أول أمس بتركيا سوف يكون حجرة عثرة للاستمرار في سيناريو حكماء آل صهيون.
وصدق أو لا تصدق أن تراجع ترامب عن قراره سوف يضر بالقضية الفلسطينية. فالفلسطينيون الآن أسري معاهدات دولية والتزامات اقليمية تصب جميعها في صالح الكيان الصهيوني. حيث تنعم إسرائيل بالهدوء والاستقرار. فإذا توحدت الفصائل الفلسطينية واجتمع الفلسطينيون علي قلب رجل واحد فسوف يضطر الكيان للقبول بحل الدولتين ويهرول باتجاه القرارات الأممية بالإقرار بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين. ودعونا نتذكر أهم قرارين اتخذتهما إسرائيل بشأن القدس في أعقاب حرب يونيو عام 1967. بعد الاستيلاء علي كامل مدينة القدس شرقها وغربها. وأعلنت ضم المدينة المقدسة إلي دولة الكيان بعد ثلاثة أيام فقط من اندلاع القتال. تحديداً يوم السابع من يونيو عام 1967. وأما القرار الثاني وهو الأخطر. الصادر في أغسطس عام 1980عندما اعلنت إسرائيل عن اعتبار القدس المحتلة عاصمة موحدة وأبدية للكيان لكن المجتمع الدولي بأسره التزم بمبادئ القانون الدولي ورفضت كل دول العالم وفي مقدمتها روسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي الاعتراف بالقرار. ومن ثم رفض الدعوة الصهيونية بنقل سفاراتهم إلي القدس.
آخر الكلام:
علي مدار "سبعين عاماً" منذ قرارات الأمم المتحدة السابقة علي إعلان دولة إسرائيل علي أرض فلسطين العربية. صدرت عشرات القرارات من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن. كانت جميعها تطالب الدولة المغتصبة بالامتناع عن أي عمل من شأنه تغيير وضع القدس. مؤكدة علي أن القدس الشرقية أرض عربية محتلة وأن كافة الإجراءات الإسرائيلية في القدس المحتلة باطلة. ومخالفة لكافة القوانين والمواثيق والأعراف الدولية. وعندما يتخذ ترامب قراره الأخرق بالأمس القريب. فهو يدعو صراحة لفرض واقع جديد. ويتضمن دعوة صريحة لتصعيد أعمال العنف بامتداد المنطقة العربية.
إن الحق لا يبني علي باطل وينتابني إحساس عن قناعة أن الإدارة الأمريكية سوف تتراجع عن قرارها لإعادة الوضع كما كان عليه والاستمرار في خداع العرب واسدال الستار علي الحق العربي في فلسطين. واخشي ما اخشاه أن يتحقق ذلك السيناريو الخبيث. حتي يعتقد العرب أنهم اجبروا أمريكا علي التراجع. فحذار من الوقوع في الفخ مجدداً. وكم أثمن دعوة الكاتب الصحفي المرموق الاستاذ محمد سلماوي بالدعوة إلي قمة عربية تتبني قراراً بإعلان القدس عاصمة لدولة فلسطين. فهل يفعلها القادة العرب..؟!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف