المساء
محمد جبريل
من المحرر الإنترنت والتمزق الاجتماعي!
وصف علماء الاجتماع جهاز التليفزيون بأنه قد صار الأب الحقيقي للأسرة. يسيطر ـ في جلوسنا إليه ـ علي أدمغتنا. يطالعنا بآخر الأنباء. يضعنا في قلب الأحداث والمساجلات السياسية والثقافية. يضيف إلي معارفنا. يقدم المواد الجادة والترفيهية. يجيب عن الأسئلة. يشير بالنصيحة. يحل المشكلات. يصف الأدوية علاجاً للأمراض. يعد لنا الطعام. يساعدنا علي أداء التمرينات الرياضية. يتيح متابعة أحدث الإصدارات. ومشاهدة عروض السينما والمسرح والمباريات الرياضية داخل البيوت.
السيادة الآن للكمبيوتر وملحقاته: الإنترنت. الفيس بوك. تويتر. وغيرها مما يسمي وسائل الاتصال الاجتماعي.
لي رواية اسمها "ديليت" حاولت فيها أن أعرض لتأثيرات الفيس بوك ما بين الإيجاب والسلب في التواصل الاجتماعي. وجد الراوي في الإنترنت وسيلة مهمة لإثراء الحصيلة المعرفية. والتعرف إلي تباين الآراء في القضية الواحدة. أو مجموعة القضايا.
ثمة من استبدل بعبارة التواصل الاجتماعي عبارة التمزق الاجتماعي. أو المقاطعة. للإنترنت فوائده. وله كذلك مضاره. ولعل المضار أشد تأثيراً في إثارة المشاعر السلبية.
علي الرغم من ثقتي بجدوي الإنترنت في حياتنا. من حيث كم المعلومات الهائل الذي نحصل عليه بضغطة الماوس وتحريكها. والإشارة إلي أيقونة المادة التي نطلبها. فإن الإنترنت لا يحصل علي معلوماته من نفسه. هو مجرد اختراع بشري. والبشر هم الذين يودعون فيه ما يتوصلون إليه من معلومات. وما يشغلهم من قضايا. وما يريدون التعبير عنه من وجهات نظر.
الإنترنت مجرد ذاكرة قد تكون صادقة أو زائفة. والصدق والزيف مبعثهما المواد التي نودعها ذاكرة الإنترنت.
الإنترنت وما يدخله من الفيس بوك وتويتر وغيرها من مواقع الاتصال الاجتماعي يحفل بالمعلومات الصحيحة. لكنه يحفل كذلك بالمعلومات المغلوطة والزائفة والمدسوسة.
إن المعلومات التي تطالعنا في الإنترنت ليست مسلمة إلا للكسالي. أو لمن يميلون إلي التصديق. حتي لا يجهدهم البحث والمراجعة.
وإذا كان الصهاينة قد أفلحوا في استغلال الإنترنت من خلال مواقع تطفح بالكذب والادعاءات الباطلة. فإن من واجبنا أن نستفيد من الإنترنت بمواقع تشرح. وتوضح. وتفند. وتعتمد مطلق الصدق.
المعلومة الكاذبة مهما تتجمل. فإنها لن تصمد أمام المعلومة الصادقة إذا أحسن استغلالها.
ولعل أخطر ما في الإنترنت وتوابعه تلك المواد الإباحية التي اختفي في ظلمتها أي دور تربوي أو رقابي للأسرة. أترك لك تصور التأثير الصادم الذي يفاجئك في مشاهد غريبة. أجيد تسريبها في مواد الإنترنت!
بالنسبة لي شخصياً. نقل الإنترنت مسقط رأسي من الإسكندرية إلي بنها. ربما لأن قارئ القرآن الكريم الشيخ محمد جبريل من هذه المدينة الغالية. وأشار الإنترنت إلي ترشيحي لجائزة نوبل. في حين أن الدولة لم تهبني إحدي جوائزها المهمة. وثمة معلومات أخري فاجأتني. مثلما فاجأت الأصدقاء من متصفحي الإنترنت!
أرفض التقييد بقانون. وإن تمنيت التوعية من خلال تحمل المثقفين مسئولياتهم في الحرص علي هذا الإنجاز البشري. وتقديم الآراء والإبداعات ـ والنصح المتعقل إن أمكن ـ بما يجاوز المسايرة. ويصنع النغمة الصحيحة التي يطمئن إليها الجميع!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف