جلاء جاب اللة
اليوم عيد النصر هل تذكرون؟
اليوم السبت 23 ديسمبر واحد من الأيام المجيدة في تاريخ مصر لكننا وللأسف نسيناها أو تناسيناها.. وبعد أن كان هذا اليوم عيداً لمصر كلها نسميه "عيد النصر".. أصبح عيداً لمحافظة بورسعيد وحدها.. ونسميه أحياناً اليوم السنوي لبورسعيد.
صحيح ان بورسعيد الباسلة شهدت أهم محطات هذا النصر وكانت المسرح الحقيقي أو الأهم لما حدث في هذه الأيام في عام 1956 إلا أن يوم النصر أو عيد النصر ليس يوماً لبورسعيد وحدها.. إنما هو يوم مصري نحتاج هذه الأيام بالذات أن نعيشه ونعيش أحداثه وروحه الوطنية والاحساس العام الشعبي لمصر في هذه الأيام.
أجيال كثيرة من شباب مصر لا تعرف كيف نجح الشعب المصري بقيادة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في أن يحقق نصرا حقيقيا علي قوي الشر والعدوان والاستعمار في ذلك الوقت.. وكما كانت حرب 1956 والتي انتهت بنصر من الله لشعب مصر بداية لحقبة مصرية نحو الانطلاق فإنها أيضاً كانت نقطة تحول في تاريخ الاستعلاء العالمي والاستكبار الاستعماري حيث انتهت اسطورة انجلترا التي لا تغيب عنها الشمس وفرنسا العالمية لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل السطوة الأمريكية لتكون أمريكا منذ هذا التاريخ هي عنوان الاستعمار الجديد.
ومن يقرأ التاريخ ويتابعه يجد ان الدولة الصهيونية اسرائيل هي العامل المشترك في كل مراحل الاستعمار الحديث بداية من سايكس بيكو 1916 والتي تلاها مباشرة في العام التالي وعد بلفور.. ثم انتهاء الحرب العالمية الأولي التي انتهت مع تأسيس الوكالة اليهودية التي بدأت الاستعداد لاحتلال أرض فلسطين.. ومع الحرب العالمية الثانية كانت دعاوي حرق اليهود ستارا لخلق حالة من التعاطف والانحياز العالمي للصهاينة لتكون بعدها بعدة سنوات إعلان دولة اسرائيل الصهيونية وكانت حرب 1948 ثم حرب 1956 التي نحتفل اليوم بذكري النصر فيها وكانت اسرائيل هي ثالث ثلاثة قاموا بحرب عدوانية علي مصر سميناها حينها العدوان الثلاثي علي مصر في 29 أكتوبر 1956.
شهدت مصر الثورة في ذلك الوقت ملحمة وطنية رائعة.. وكان الشعب والجيش في خندق واحد وعبر عن ذلك جمال عبدالناصر بشكل عملي رائع في خطبته بالجامع الأزهر والتي أكد فيها ان مصر لن تستسلم وستحارب قوي العدوان.. وكانت الملحمة شعبياً ورسمياً يقودها جيش مصر والمقاومة الشعبية والعمل الدبلوماسي الرائع الذي قاده في ذلك الوقت الدبلوماسي الكبير الراحل محمود فوزي.. وكان للصحافة أيضاً دورها حيث يذكر التاريخ ان الراحل مصطفي شردي وكان مراسلاً لأخبار اليوم في بورسعيد حصل علي صور فوتوغرافية تكشف الجرائم الاستعمارية لانجلترا وفرنسا واسرائيل في بورسعيد وعبر بحيرة المنزلة وصل شردي من بورسعيد إلي مدينة المطرية بالدقهلية ثم سافر إلي القاهرة لينشرها في أخبار اليوم ولأهمية الصور وخطورتها ذهب مصطفي أمين بها إلي عبدالناصر الذي أمر بإرسال هذه الصور إلي نيويورك وأقام معرضاً في الأمم المتحدة ليفضح الاستعمار الجديد هناك.. وبالفعل كان لهذه الصور رد فعل عالمي رائع..!!
كل الشعب بطوائفه وعناصره كان علي قلب رجل واحد اسمه جمال عبدالناصر لذلك تحقق النصر في 23 ديسمبر.. ولأسباب إقليمية ودولية وقف الاتحاد السوفيتي يومها بجوار الحق المصري بل ان أمريكا في ذلك الوقت هي الأخري وقفت إلي جوار الحق المصري وكان النصر يوم 23 ديسمبر 1956.
وكان هذا النصر إعلاناً لحركات التحرر الوطني عربيا وافريقيا بل وآسيويا.. خاصة ان عبدالناصر كان قد أسس حركة عدم الانحياز قبلها بعام وكان مؤتمر باندونج الشهير تم إعلان تأميم قناة السويس بعده بعدة أشهر إعلاناً لدور مصر الإقليمي الجديد بقوة..!!
الحديث اليوم عن عيد النصر يجرنا للحديث عن حالنا اليوم.. حيث كانت المؤامرات قد بدأت ضد عبدالناصر لكنها تأخرت إلي 1967 نظراً للتغير الحادث في العالم.. وتحولت الصهيونية العالمية ناحية أمريكا بدلاً من الاستعمار القديم الذي أعلن رسمياً عن وفاته في بورسعيد عام 1956.
المؤامرات ما زالت مستمرة.. والحرب علي مصر لم تتوقف خاصة بعد 30 يونيه التي أعدت سيناريو جديدا عن نهضة مصر مع السيسي وبالتالي لم ولن تتركها الصهيونية العالمية في حالها فكانت الحروب الداخلية والخارجية وللأسف يستغلون في هذه الحروب غالباً من هم يدعون بل ويعتقدون انهم يدافعون عن الإسلام ولكنهم لا يملكون القدرة علي التفكير ولو للحظات ويسألون أنفسهم: من المستفيد من هذه الحرب؟
إذا كنا نحتفل اليوم بعيد النصر علي العدوان الثلاثي عام 1956.. واحتفلنا من شهور قليلة بذكري انتصار أكتوبر 1973.. فهذا يؤكد اننا برغم كل الصعاب سنحقق إن شاء الله النصر علي الجبهات التي نخوض من خلالها الحرب الشرسة المفروضة علينا سواء كانت حرباً ضد الإرهاب.. أو حرباً ضد الضغط الاقتصادي علي بلدنا أو حرباً في معركة نهر النيل جنوباً أو حرباً ضد الفساد ومن أجل التنمية من خلال المشروعات الكبري التي تستهدف بناء مستقبل مشرق لمصر.
غداً.. سنحتفل بنصر جديد إن شاء الله وقد يكون هو الأصعب والأغلي لأننا لا نحارب فيه علي جبهة واحدة بل نحارب علي عدة جبهات وسط ظروف عالمية وإقليمية صعبة للغاية ولكن الله غالب علي أمره إن شاء الله.
تحية لشهداء مصر في كل الحروب التي خضناها وتحية لقادة النصر يوم عيد النصر.. وتحية لشهدائنا في هذه الحرب الشرسة التي نخوضها بقوة من أجل مستقبل أفضل وسنحقق إن شاء الله النصر.
وكل عام وأنتم بخير ومن نصر إلي نصر إن شاء الله مهما كانت المؤامرات وشراسة الحروب التي نخوضها.