الأخبار
نبيل زكى
كلمة السر - ضمائر الأمم.. ليست للبيع
لأول مرة تشهد الساحة الدولية هذا الانحدار الأخلاقي والبلطجة والابتزاز الوقح والعلني والمباشر ومحاولة فرض الإملاءات بطريقة فجة وتوجيه الإهانات إلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة واستخدام أسلوب »العصا والجزرة»‬ وممارسة الغطرسة والعجرفة والاستعلاء، والتصرف علي نحو يوحي بأن أصوات الأمم في الجمعية العامة وضمائرها.. للبيع.. فإما أن تصوت الدول مع الولايات المتحدة أو تتحمل »‬مواجهة العواقب» بحرمانها من المعونة الأمريكية مما يعني توفير مليارات الدولارات التي تقدمها واشنطن لهذه الدول، أو كما قال الرئيس ترامب »‬يأخذون منا المليارات، وبعد ذلك يصوتون ضدنا!» وفي الوقت نفسه ألمحت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة »‬نيكي هيلي» إلي أن هناك عقابا آخر هو تخفيض الدعم المالي الأمريكي للمنظمة العالمية.. وقال مصدر أمريكي انه لن يتم »‬مسامحة» الدول علي تصويتها ضد قرار ترامب مثل »‬الدمي المتحركة» التي يتم التلاعب بها واجبارها علي الرقص! وكثر الحديث عن التهديدات الأمريكية بتسجيل اسماء الدول المعارضة لواشنطن علي طريقة مدرس الفصل الذي يسجل أسماء التلاميذ المشاغبين لتقديمها لناظر المدرسة! حتي ان مندوب بوليفيا طلب بأن تكتب »‬هيلي» اسم بوليفيا علي رأس القائمة التي ستعاقبها أمريكا!
ومن الأكاذيب التي أطلقتها المندوبة الأمريكية ان قرار ترامب يعبر عن إرادة الشعب الأمريكي، وان واشنطن ستنقل سفارتها إلي القدس لأن هذا هو ما يريده الشعب الأمريكي منا ان نفعله!
ووفقا لاستطلاع رأي أجرته قناة cnn الأمريكية يوم الجمعة الماضي، فإن ٣٦٪ فقط من الأمريكيين يؤيدون قرار ترامب بشأن القدس.
بل ان ثلثي من شاركوا في الاستطلاع قالوا انه لا ينبغي ان تتخذ الولايات المتحدة موقفا منحازا في الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي.
وفي استطلاع رأي آخر، أجراه معهد »‬بروكنجز» الأمريكي، تأكد ان ٦٣٪ ضد نقل السفارة الأمريكية إلي القدس.
وقد أعرب دبلوماسيون امريكيون مخضرمون عن تشكههم في قدرة إدارة ترامب علي وقف المعونة لحلفائها الرئيسيين، وخاصة في الشرق الأوسط.
ويقول »‬اليوت ابرامز»، الذي تولي مناصب رفيعة في عهدي رونالدريجان وجورج بوش، انه من غير المعقول ان يتم قطع هذه المعونات، لانها تخدم مصالح الامن القومي الامريكي الحيوية في المنطقة.
ويتساءل شمعون مشيفر، المحلل السياسي لصحيفة »‬يديعوت احرونوت»، الإسرائيلية يوم ٢٢/١٢: »‬هل وضعنا الآن أفضل مما كان عليه قبل اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل»؟
وتقول صحيفة »‬هآرتس الإسرائيلية» ان »‬مهرجان القدس». الذي جري في الأمم المتحدة ابقي إسرائيل بدون عاصمة معترف بها.. ولم يكن لتهديدات ترامب ومندوبته أي فائدة بل القت الإدارة الأمريكية في حفرة ضيقة.. وكان ذلك تصويتا علي عدم الثقة بالرئيس الامريكي. وستعاني إسرائيل من شظايا هذا التصويت بعد ان اصبحت كل من اسرائيل والولايات المتحدة عبئا علي الاخري.
بقيت نقطة مهمة: يقول ترامب انه يقدم معونات للدول الاخري بالمليارات، ويتناسي الرجل انه حصل في صفقة واحدة مع بلد عربي علي ٥٠٠ مليار دولار بالاضافة إلي صفقات اخري مع دول عربية اخري بالمليارات. ويتناسي ان الدول التي توجه إليها التهديدات هي التي تستورد الاسلحة والمنتجات الامريكية بالمليارات ولديها استثمارات وودائع في أمريكا بالمليارات، وعلي ترامب نفسه ان يخشي من ان توقع هذه الدول عقوبات علي بلاده.
المهم ان دبلوماسية الاكراه سقطت في الأمم المتحدة، واصبح تحدي قوة عظمي بمثابة وسام الشرف، وان الوحش المتغطرس انكفأ علي وجهه في ظل الانحسار الفعلي للنفوذ السياسي الامريكي في العالم.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف