الأهرام
فريدة الشوباشى
دمر وكبر..أم عمر وكبر؟
غاص الوطن العربي، ومنه مصر بالطبع، فى السنوات القليلة الماضية، بتنظيمات إرهابية، كل ما قامت به حتى هذا اليوم، هو تدمير كل ما وصلت إليه أيديها. والعجيب أنها فى كل جريمة وحشية ترتكبها تصرخ بعبارة:الله أكبر! وكأنها حققت انجازا انسانيا ودينيا كبيرا... وكنت قد كتبت منذ سنوات عن تراكم صور هؤلاء وهم يذبحون الضحايا ويكبرون، أو وهم يلقون بهم من فوق الأسطح ويكبرون بحيث يؤدى تراكم هذه المشاهد المرعبة إلى التمهيد لعدوان يبيدنا جميعا، فاذ بالعالم بأسره يقف ويكبر.. وقد بات العالم يعترف، بشبه إجماع، على أن ثورة المصريين فى الثلاثين من يونيو قد أصابت المخطط المدمر بالشلل، غير أنه لم يستسلم ،بعد للموت.. ومن أهم فصول ما بعد يونيو, وأخطرها، موقف مصر من اعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب القدس العربية المحتلة عاصمة للدولة الصهيونية.. لم يزعق الرئيس السيسى بشعارات، تقترب على الأقل، من شعارات جماعة الاخوان المسلمين ومشتقاتها، عالقدس رايحين شهداء بالملايين؟!س وهم واثقون أن الكلام ليس عليه جمرك, بل اتخذ القرار السليم..

من واقع متابعتى للصحف الأجنبية لم يكن الرئيس الأمريكى يتصور حتى فى أحلك كوابيسه أن تقلب مصر الطاولة على رأسه، وهو ما يدعمه موقف مندوبته لدى الأمم المتحدة، والتى أخذت تطلق التهديد والوعيد لكل من يتجاسر ويعلن رفضه للقرار الأخرق الذى لم يسبق له مثيل فى سجل تاريخ البشرية، فحتى الإمبراطوريات الكبرى لم تجرؤ على تغيير عواصم الدول التى احتلتها.. وكذلك، لم يحدث ان ادعت أى من قوى الاحتلال فى القرون الماضية أنها تحتل هذا البلد أو ذاك تنفيذا لإرادة شعبها.. بعد ما سمعنا ان قرار ترامب هو تنفيذ لإرادة الشعب الأمريكي، وحتى الآن لم تشرح واشنطن لبقية دول العالم الأساس القانونى أو الشرعي، الذى تقدم بموجبه على «إهداء»؟ إسرائيل مدينة عربية، وأى مدينة ..فالقدس عربية، فلسطينية منذ فجر التاريخ وفوق ذلك فهى رمز ساطع على تعايش أبنائها من الديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلامية، مع العلم ،بأن من اعتنقوا المسيحية، هم من يهود فلسطين، ومن اعتنقوا الإسلام هم من يهود ومسيحيى فلسطين.. فبأى حق يحرمهم رئيس الولايات المتحدة، التى نشأت فى القرن الخامس عشر, من وطنهم ومدنهم ،بل ومساكنهم بقرار جائر هو امتداد لأسوأ قرار فى التاريخ ،وأعنى به قرار وعد بلفور الذى لا يملك ولكنه، فوق ذلك، وعد من لا يستحق، على أشلاء أصحاب الحق..فمكنوا يهودا من مختلف جنسيات العالم من فلسطين..

من هذه الأرضية الواضحة ومن إيمانه بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، قدمت مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي، الطلب إلى مجلس الأمن الدولى بمشروع قرار ضد قرار ترامب.. وفى واحدة من أنصع صفحات التاريخ، رفض المجلس بجميع أعضائه، باستثناء امريكا، القرار الذى كان فى حال إقراره بمثابة تقويض للشرعية الدولية وفتح الباب على مصراعيه لفوضى يستحيل التكهن بنتائجها.. وبعد عرض الأمر على الأمم المتحدة، منيت الولايات المتحدة بهزيمة ساحقة، رغم خطابها الكريه، بالتهديد وليس بادعاء الحوار الديمقراطي، كما تاجرت بهذه الخدعة طويلا.. وسط كل هذه الهيستيريا الأمريكية الإسرائيلية وتهديدات أدواتها من التنظيمات «الاسلامية» فإن مصر تمضى فى طريق البناء، عمر وكبر، بثقة فى الله ومصر قيادة وشعبا وفى حراسة خير أجناد الأرض.. يبقى أن نظل جميعا يقظين لمؤامرات الأعداء ومخططاتهم، فالمخطط الذى أصبناه بالشلل, لا بد من القضاء عليه نهائيا, وسوف ندفنه بوعينا وعزيمتنا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف