جريدة روزاليوسف
أحمد باشا
الرياض غير الرياض!
ليس من رأى كمن سمع، فمن يزور المملكة العربية السعودية لأول مرة لا بد وأن يصاب بالدهشة، ويلفت انتباهه من حجم التطور الهائل الذى ينسف الصورة الذهنية القديمة عن دولة نجح قادتها فى تحويل الصحارى القاحلة إلى مدن حديثة وناطحات شاهقة.
أتاح لى المستشار فى الديوان الملكى رئيس الهيئة العامة للرياضة «تركى آل الشيخ» فرصة زيارة المملكة، فكثيرا ما اشتاقت الروح إلى زيارة بلاد الحرمين، شأنى فى ذلك شأن كل المصريين، وبرغم أنى زرت العالم، إلا أن زيارة المملكة كانت تعنى لى الشىء الكثير، شكرا تركى آل الشيخ لما تقدمه للرياضة السعودية التى تنتظر على يديك مستقبلا مشرفا، يعيد لها هيبتها، وتواجدها الدولى، شكرا لإسهامك فى إبراز صورة المملكة فى الخارج، فما قدمته يتجاوز الرياضة بكثير.
الرحلة إلى المملكة رغم قصرها، إلا أنها كانت غنية بمحطاتها، ثرية بزخمها، زاخرة بشخوصها، متنوعة فى برامجها، فزيارة العاصمة السعودية الرياض لا تقاس بالأيام والساعات، إنما بمساحة التجول فيها، وبحجم ما تشاهده من حركة الحياة بكل مفرداتها من بشر، وطرق، وسيارات، ومدنية حديثة، تلمسها فى مبان تفوقت بطرازاتها وتصميماتها عواصم ما نطلق عليه بالعالم المتقدم.
لم تكن ليلة الأربعاء الماضية ليلة عادية، تلك الليلة التى جسدت القفزة الهائلة والخطى الواسعة التى يخطوها ولى العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان بالمملكة نحو آفاق أرحب، ومستقبل لاحت فى الأفق ملامحه وبدت ماثلة، تراها فى وجوه راضية، متطلعة إلى مستقبل أفضل، وخطة إصلاح طموحة تتمثل فى رؤية المملكة ٢٠٣٠، التى تعانق تطلعات الجيل الجديد ورسمها ولى العهد الأمير محمد بن سليمان، حيث تراها على وجوه جيل الشباب الذى يشكل أكثر من ٧٠٪ من تعداد سكان المملكة، أولئك الشباب الذين اكتظت بهم الصالة الخضراء فى مركز الملك فهد الثقافى الذى احتضن الحفل الكبير لتكريم المنتخب السعودى بمناسبة تأهل المنتخب الأول لكرة القدم لنهائيات كأس العالم 2018 فى روسيا، بحضور عدد كبير من القادة الرياضيين، ووزراء الرياضة والشباب العرب، وشخصيات اجتماعية وإعلامية، ونجوم ومشاهير وأساطير كرة القدم من مصر والعالم، وكبار الفنانين العرب والخليجيين والسعوديين.
الحقيقة ماشاهدته فى المملكة يحفزنى على أن أبوح باللوم لمن يقصر فى عدم إبراز كل شواهد النهضة الحضارية التى تعيشها المملكة، وتطل برأسها لتواجهك أينما حللت أو ارتحلت، لا أدرى أين تكمن المشكلة فى أننا كرموز عربية وقادة للفكر والإعلام لم يسبق لنا زيارة المملكة، أو اللوم والعتب يقع على من لم يتح لنا أن نشاهد ونرى ونطلع ومن ثم ننقل قصة وحكاية شعب صنع فى الصحراء العربية معجزة، فالحضارة ليست الماضى فقط، إنما للمستقبل أيضا.
فى مكة حطت أقدامى لتأدية مناسك العمرة، أجواء روحانية، وإيمانية تغمرك تتسلل إلى قلبك، لاشك أنها تجربة فريدة لمن تلامس أقدامه لأول مرة أرضا مشى عليها نبى الإسلام، ويتظلل بسماوات استظل بها خير البشرية، إنها لحظات تجسد حالة السمو الروحى الذى تتعانق فيها السماء بالأرض، وإذعان المخلوق للخالق، إنها حالة إيمانية اسثنائية تأخذك إلى التدبر فى ماض رسم هويتك عقيدتك، مستقبلك، صيرورتك، آخرتك.
وختاما لم أشعر فى المملكة بالغربة التى أشعر بها كلما حطت أقدامى مطارات العديد من الدول التى زرتها، وهى كثيرة، ففى السعودية رأيت وجوها تشبهنى، وقلوبا طيبة إنسلت إلى قلبى، وأصدقاءً كثراً، كثيرا ما هفوت إلى لقياهم، حقيقة لم أشعر بفروقات بين الرياض والقاهرة، إكسير الحياة واحد، وأنماطها متشابهة.
تحيا مصر والسعودية.. شعب واحد يعيش على ضفتى البحر الأحمر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف