الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
العلاقات العربية العربية
لاشك أن السياسة الحكيمة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعادت مصر إلي وضعها الطبيعي في أمتها العربية وفي المحافل الدولية. كما أن هذه الحكمة التي يتحلي بها سيادته مع الحكمة التي تتحلي بها القيادات العربية المخلصة قد أسهمت بقوة في إعادة الروح الي العمل العربي المشترك. وهو ما تجلي في اللحمة العربية في عاصفة الحزم. وفي العمل علي تشكيل قوة عربية مشتركة. وإلي إعادة العلاقات الي طبيعتها مع كثير من الدول التي كان قد أصاب علاقتنا بها شئ من الفتور. وبخاصة هذا العام الأسود المشئوم لحكم الإخوان الذين كادوا يقطعون أواصر العلاقات التاريخية بين مصر وأشقائها وأصدقائها وحلفائها علي حد سواء. نتيجة لغبائهم السياسي من جهة. وانعدام خبرتهم من جهة أخري.
ومن خلال ما قمت به من جولات ولقاءات مع زملائي من أصحاب المعالي وزراء الأوقاف في الدول العربية ومن التقيتهم من العلماء والمفكرين والمسئولين من العالمين العربي والإسلامي ومختلف دول العالم. وما نلمسه من نضج واضح ورشيد فيرسم سياستنا الخارجية. وما يواجه المنطقة كلها من تحديات أبرزها: شبح التقسيم وسيطرة الإرهاب والعبث بخيراتها ومقدراتها وعقول شبابها وأستطيع أن أؤكد ان التربة خصبة والأرض وأن الأساس متين لأن ما يتوفر بيننا وبين أشقائنا من العوامل الدافعة إلي وحدة الصف والاحساس بالمصير المشترك ربما لا يتوافر لأي أمة أخري أو منطقة أخري فعوامل الدين واللغة والتاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة والتحديات ومواجهة الإرهاب كل ذلك يحتم علينا أن نعمل معاً. وأن نسعي لتأسيس شراكات اقتصادية وعلمية وفكرية وثقافية وخدمية واسعة ومتنوعة بما يحقق الصالح العام لنا جميعاً ويحفظ لكل دولة خصوصيتها ولا يتدخل في شئونها الداخلية. فالتجارب لا تستنسخ والخصوصيات يجب أن تراعي في ضوء رؤية واعية وشاملة.
وفي ظل وجود قيادات سياسية نكن لها كل التقدير والاحترام نؤكد ان الأمل كبير وأن هذا الأمل لم يعد مجرد أحلام إنما يتحول إلي واقع ملموس. غير أن الوقت والزمن والتحديات والظروف الراهنة تتطلب منا جميعاً مسابقة الزمن لانشاء هذه الكيانات الصلبة القائمة علي التضامن والعمل المشترك. فقوة أمتنا في وحدتها. وهو ما أكد عليه القرآن الكريم في أكثر من موضع حيث يقول سبحانه وتعالي: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتهم بنعمته إخواناً وكنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون. ولتكن منكم أمة دعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيانات وأولئك لهم عذاب عظيم" "آل عمران: 103" ويقول سبحانه وتعالي: "وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" "الأنفال: 46" ويقول سبحانه وتعالي: "إن هذه أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" "الأنبياء: 92" ويقول سبحانه وتعالي: "وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون" "المؤمنون:52".
فلا شك أن وحدة صف الأمة ستكون السر الأكبر في قوتها ونهضتها. وأن التكامل والتنسيق بين دولها سيكون أهم منطلق نحو التنمية الشاملة لكل دول المنطقة بما يعود بالنفع علي أبنائها جميعاً. ويحقق لهم متضامنين مجتمعين مزيداً من النهضة والرقي بما يرضي الله "عز وجل". ويحقق مصالح البلاد والعباد. ويرضي الصديق ويغيظ العدا. ويريد كيد المتربصين بالأمة في نحورهم.
ولا يجب أن يقف الأمر عند جهود الرؤساء المحترمين جميعاً إنما ينبغي علي سائر الأجهزة التنفيذية سرعة التحرك الثنائي والجماعي لتحقيق رغبة القيادة السياسية في كل دولة بوضع أطر عملية سريعة وقابلة للتطبيق كل في مجاله وميدانه في ضوء الأهداف الكبري التي تسعي إلي تحقيق الوحدة المنشودة. ولا سيما في مجالات التكامل الاقتصادي والفكري والثقافي ومواجهة الإرهاب الذي يهدد الجميع دون تفرقة.
علي أنني أؤكد أننا إن أوتينا- لا قدر الله- إنما نؤتي من قبل تفرقنا وتشرذمنا واختلافنا فقد ذكر بعض المفسرين ورواة الحديث والأثر أنه لما نزل قول الله تعالي: "قل هو القادر علي أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" "الأنفال: 65" قال النبي صلي الله عليه وسلم: "سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة. وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوي أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال: "يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد. وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة. وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوي أنفسهم يستبيح بيضتهم. ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتي يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضاً" وفي هذا ما يؤكد ان أهم سبب من أسباب ضعف هذه الأمة هو تفرقها واختلاف كلمتها. وأن قوتها في تماسكها ووحدة صفها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف