هل تريد أن تكون ثريا مشهورا ونجما من نجوم المجتمع.. هل تريد أن تصبح ضيفا دائما علي الفضائيات تسبق اسمك عند تقديمك عبارة الكاتب الكبير او المفكر العميق أو الخبير الاستراتيجي أو المحلل البارز أو الثائر الشاب باعتبار أن منزلة الشاب أفضل وأعلي من منزلة الثائر العجوز؟.. تستطيع أن تحقق كل ذلك وأن تكون كل هؤلاء بطريقة سهلة سلسلة: هاجم النظام.. اشتم.. تعلم لغة البذاءة.. باختصار ليس مطلوبا منك أكثر من الانضمام ألي تجار المعارضة والوكلاء الحصريين للرفض المطلق.
المعارضة اصبحت تجارة لها وكلاء وتعتمد علي شبكة من الموزعين المعتمدين.. وهي تجارة اكثر أمانا وأعظم ربحا من تبني الحقائق وإعمال العقل والمنطق.. فأنت اذا رأيت انجازا علي الأرض وتحدثت عنه تصبح منافقا في أفضل الأحوال.. وعميل أمن دولة في أحوال أخري.. وإذا قلت كلمة حق فأنت من عبيد البيادة.
أحد تجار المعارضة الذين جنوا أرباحا هائلة من تجارة الرفض والنقد والتهجم والبذاءة.. والذي تسبق اسمه دائما عبارة الكاتب الصحفي الكبير.. أعلن قبل أيام.. بعد أن قطب جبينه ورفع حاجبيه مباركا حالة الانبهار التمثيلي التي تستقبل بها مذيعة البرنامج الفضائي كل كلمة ينطق بها لتبدو لنا مخضوضة من عبقريته: شعبية السيسي وصلت الي أدني مستوياتها..أانا صعبان عليا السيسي.. شعبيته انهارت تماما.. ويصل الكاتب الصحفي الكبير إلي قمة غيه عندما يحذر من غضب شعبي يطيح بالرئيس الذي يشفق عليه.
واذا كان من حق هذا المعارض المحترف أن يقول ما يشاء وأن ينتقد كما يشاء فإن من حقنا عليه ان يحترم عقولنا وان يقدم لنا الاسباب والمعطيات التي بني عليها استنتاجاته.. وهو ما لم يحدث.. فهو لم يستطع ان يشرح لنا سببا واحدا لهذا الانهيار ولا كيف توصل الي هذه النتيجة التي تحتاج الي قياسات لقاءات مع اعداد هائلة من الاشخاص يمثلون جميع شرائح المجتع.
أذكر أنني التقيت هذا المعارض المزمن قبل عشر سنوات او يزيد.. في دولة خليجية.. وباعتباره زميل دراسة رحبت به ووجهت له دعوة لتكريمه علي مائدة عشاء يحضرها زملاء الدراسة ولكنه رفض متذرعا بأنه سيكون ضيفا علي برنامج تليفزيوني.. وقبل ان ينصرف انضم الينا معد البرنامج ليطلب منه علنا وبلا مواربة اشعال الحلقة بانتقادات ساخنة وهجوم ساحق علي النظام المصري.. وليرد عليه زميل الدراسة بثقة يحسد عليها: اطمئن هذه شغلتي.
تجارة المعارضة تروج وتزدهر في مواسم الانجازات ولحظات الفرح.. الرئيس يفتتح عشرات المشروعات الجديدة في يوم حافل بالحصاد والعطاء.. الرئيس ينهي حالة احتقان كان استمرارها ينذر بمخاطر جمة بين المحامين ورجال الشرطة.. حالة احتقان استثمرها اخوان الارهاب في اشعال فتنة كادت تحرق الاخضر واليابس.. الرئيس يقدم اعتذارا للمحامين بعد واقعة حذاء نائب المأمور التي اعقبتها تجاوزات تعيدنا الي زمن المعزول مرسي ودولة مكتب الارشاد.. فضمد الجراح وأزال الاحتقان واكد لكل من يؤدي خدمة للمواطن ان عليه الا ينسي انه يتعامل مع رفقاء الوطن.. يوم يضيف الي رصيده الكثير.. فها هو يكرس ثقافة الاعتذار عند الخطأ وها هو ينشر قيم الحب والتسامح بادئا بنفسه.. وفي مثل هذه المواقف يرتفع سعر المعارضة وتتضاعف الحاجة اليها من قبل من يتآمرون علي الوطن.
أحد المعارضين المزمنين ينتهز هذه المناسبة ليوجه انذارا للرئيس: اذا لم تتخلص من الفلول فسوف يثور الشعب عليك.. هل هناك عبث وبذاءة وتهريج اكثر من هذا؟.. عن اي فلول يتحدث وإلي متي سوف نظل أسري لهذا الحديث العبثي عن الفلول واستنساخ نظام مبارك.. ومن الذي سمح له ان يكون وصيا علي الشعب الذي لا يعرفه وان يهدد بثورة وكأنه وصي علينا متحكم في مشاعرنا مسيطر علي اقدارنا.
سؤال أخير: هل تريد ان تكون ثريا مشهورا؟.. من فضلك اقرأ المقال من اوله.