الجمهورية
مرعي يونس
أضواء كاشفة - استراتيجية ترامب وسيد قطب !
كالعادة صنفت الولايات المتحدة في رؤيتها الجديدة للأمن القومي الأمريكي العالم إلي أخيار وأشرار وإلي أعداء وحلفاء وشركاء علي نحو ذكرنا بلغة الحرب الباردة التي من المفروض أنها ولَّت وانتهت. التصنيف هذه المرة رسمي أي أنه يعكس رؤية الرئيس دونالد ترامب ومستشاريه ومن بينهم مستشارون في الأمن القومي وفريق استشاري في العقائد والأديان.. ولو كانت مجرد تصريحات لترامب نفسه لقلنا إن الرئيس الأمريكي متقلب ومتناقض يقول الكلام وعكسه ويفعل الشيء ونقيضه.
طبقاً للتصنيف الجديد الذي أعلنه ترامب الأسبوع الماضي فإن روسيا والصين من الخصوم المنافسين وهذا أمر طبيعي فروسيا تستعيد مكانتها في العالم كقوة عظمي وتزاحم أمريكا في منطقة حيوية وهامة هي الشرق الأوسط وتغزو القلوب والعقول وتحظي باحترام وتقدير العرب أكثر من أمريكا التي أصبحت في نظرنا دولة ظالمة ومغتصبة للمال العربي وينطبق وصف الإمام الخميني "الشيطان الأكبر". أما الصين بلاد التنين الأصفر فإنها تنمو وتزداد قوة كل يوم الصين اليوم غير الصين منذ عام والصين بعد عام لن تكون مثل الصين اليوم وبلاد التنين الأصفر تزحف وتنتشر في كل مكان وهي قادمة إلي مسرح الكون بكل قوة.
وفي نظر الاستراتيجية الأمريكية الجديدة للأمن القومي فإن روسيا والصين تعملان علي صياغة عالم يمثل نقيض القيم والمصالح الأمريكية وتطوران قدرات عسكرية مصممة لتقويض القدرة الأمريكية.
بدت الاستراتيجية الأمريكية حائرة تجاه إيران وان كانت قد اتهمت إيران بأنها دولة مارقة وداعية للإرهاب وقد استغلت عدم استقرار الشرق الأوسط لتوسيع نفوذها من خلال الشركاء والوكلاء ويقصد بهما حزب الله والحشد الشعبي والأول متهم بتهريب الكوكايين إلي داخل أمريكا وغسيل أموال. لم تحدد الاستراتيجية أسلوب التعامل مع إيران وهنا أكرر ما سبق أن قلته إن أمريكا لن تحارب إيران إنما ستظل تصور إيران علي أنها بعبع وفزاعة لتواصل حمايتها للعرب مقابل المال.
مرت الاستراتيجية علي المنطقة العربية سريعاً فأشارت إلي الشراكة مع العراق وتشجيع مصر والسعودية علي تحديث اقتصادياتهما ووصفت كوريا الشمالية بأنها دولة مارقة ومهما كانت درجة العداء الأمريكية لبيونج يانج فإنها لا تستطيع عمل شيء لأن كوريا الشمالية يقف وراءها روسيا والصين.
المفاجأة التي رافقت إعلان الاستراتيجية الأمريكية تمثلت في تحذير مستشار الأمن القومي الأمريكي هربرت ماكماستر من تسلل أفكار سيد قطب إلي داخل المجتمع الأمريكي وقد سبق أن استخدم ماكماستر مصطلح القطبية في خطابات سابقة للإشارة إلي التيار المتطرف في جماعة الإخوان المسلمين. وقد أشار ماكماستر إلي سيد قطب أو القطبية أثناء حديثه عن تمويل قطر وإيران للجماعات الإرهابية ولا شك أن هذه الإشارة دليل علي إدراك ماكماستر لخطورة هذه الأيديولوجية.
وأمريكا تعرف سيد قطب منذ أربعينيات القرن الماضي عندما قام بزيارتها مبعوثاً من الدولة لدراسة النظام التعليمي الأمريكي وأقام هناك عامين ثم عاد وكتب كتاباً اسماه "أمريكا التي رأيت" أشاد فيه بعبقرية الإدارة والتنظيم في أمريكا كما نوه بجمال هذا البلد وطبيعته الساحرة ونوه بالعلم والعمل والإنتاج ومع ذلك وصف سلوك الأمريكيين بالبدائي وقال إن الحضارة المادية الأمريكية بلا قلب ولا ضمير ولا تتحدث إلا بلسان التجارة ولا تنظر إلا بعين المرابي
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف