الأخبار
نوال مصطفى
حقوق السجين
سؤال كثيرا ما يراودني: من المسئول عن حصول السجين علي حقوقه الأساسية التي كفلها له الدستور والقانون، ونصت عليها الاتفاقيات والمواثيق الدولية؟ في معظم دول العالم ومنها مصرهناك وثيقة تحدد تلك الحقوق، ولكن إلي أي مدي يلتزم المسئولون عن السجناء في بلادنا بتلك الوثيقة؟ والسؤال الأهم: هل مصلحة السجون وحدها هي المسئولة عن ضمان حصول السجين علي حقوقه باعتباره إنسانا، أخطأ، ويقضي فترة عقوبته، أيا كانت مدتها، محروما من أغلي نعمة في الحياة: الحرية؟
الإجابة علي هذا السؤال استمعت إليها من العديد من رجال الشرطة القريبين من عالم السجون سواء من لا يزالون في الخدمة حتي الآن، أو ممن خدموا في هذا القطاع وغيره، وأمسكوا بخيوط تلك القضية الإنسانية المهمة. مجمل الإجابات كانت تصب في حقيقة واحدة لا تقبل الاجتهاد أو الاختلاف وهي أن كل أجهزة الدولة سواء كانت وزارات أو أجهزة رسمية مسئولة عن ذلك الأمر كل حسب اختصاصه، ونطاق مسئولياته.
دعونا في البداية نحدد ما هي الحقوق الأساسية الدنيا للسجين كإنسان؟ أولا الحق في المعاملة الكريمة، فليس معني أنه يقضي عقوبة السجن علي جريمة ارتكبها عن قصد أو بالصدفة. وبغض النظر عن فرضية احتمال كونه بريئا من عدمه، فلا يحق أن تمتهن كرامته أو أن يتعرض لأي نوع من العقاب البدني.
ثانيا: يجب أن يحصل السجين علي خدمة صحية حقيقية. ثالثا: يجب أن يتوافر للسجين محام حقيقي - ليس صوري ا- إذا كان لا يملك ما يكفي من مال لتوكيل محام عنه.
رابعا: أن تتم رعاية أسرة السجين أو السجينة خاصة إذا كانوا من غير القادرين أو المعدمين
خامسا: حق السجين في التأهيل الحرفي، والنفسي تمهيدا لدمجه في المجتمع كمواطن شريف بعد انقضاء فترة العقوبة.
هذه هي الحقوق الخمسة الأساسية التي يجب أن نوفرها للسجناء في بلادنا، فأين نحن بكل صراحة من كل منها؟ تعالوا نستعرضها من البداية، أولا فيما يتعلق بالمعاملة الكريمة التي يتلقاها السجين أو السجينة أري ومن خلال معايشتي لعالم السجون لأكثر من خمسة وعشرين عاما أن المسألة نسبية، ترتبط بأخلاق العاملين في السجون من ضباط وحراس وحارسات وإخصائيين وإخصائيات اجتماعيين. أحيانا يكون حظ السجين جميلا فيقع في أيدي بشر في قلوبهم رحمة، وتقدير للموقف القاسي الذي يعيش فيه، وأحيانا ما يحدث العكس فيخرج السجين أو السجينة من السجن كارها نفسه، وحياته.
ثانيا: فيما يتعلق بالخدمة الصحية داخل السجون، أستطيع أن أقول بضمير مستريح أن أرواح كثيرين في رقبة وزارة الصحة المتقاعسة عن أداء دورها داخل السجون خاصة بالنسبة للمصابين بفيروس سي، هؤلاء لا تمدهم الوزارة بالدواء.
ثالثا: فيما يتعلق بحق السجين في الحصول علي محامٍ يدافع عنه أمام القضاء، محام حقيقي لا صوريا علي الورق، فإن هذا لا يحدث وقد رأيت بأم عيني حالات من حقها النقض، ولا تجد من يرفع طلبها للمحكمة، ورأيت الكثيرات مضي علي بقائهن تحت التحقيق أكثر من عامين، وهي أقصي مدة ينص عليها القانون المصري للاحتجاز بدون صدور حكم قضائي.
رابعا: فيما يتعلق بأسر السجناء، للأسف ليس هناك حتي الآن اعتراف من الدولة وحكومتها بأن أطفال السجناء والسجينات هم ضمن الفئات الخاصة الأكثراحتياجا، وضنكا. هناك حالات يخرجن بلا مأوي فلماذا لا تكون هناك نسبة مخصصة من شقق الحكومة التي تدعم بها الفقراء والأشد فقرا للسجينات والسجناء السابقين من حسني السير والسلوك؟
خامسا وأخيرا: من حق السجين أن يقضي الفترة الأخيرة في عقوبته بعيدا عن السجن، في مقر تدريب وتشغيل وتأهيل نفسي تحت إشراف وزارة الداخلية ورقابتها، وذلك تمهيدا لخروجه نهائيا من خلف الأسوار.
إذا كانت تلك هي الحقوق الدنيا التي نطلبها للسجين وهي أقل كثيرا بالمناسبة مما تنص عليه المواثيق الدولية ولائحة السجون المصرية، فهل تقوم كل وزارة وهيئة في الحكومة المصرية بواجبها المطلوب تجاه السجناء؟ سؤال لا يجب أن ينتظر الإجابة طويلا!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف