بعد مضى أيام قليلة على جريمة مسجد الروضة الإرهابية بسيناء واستيعاب الصدمة، أعلن عن إنشاء مدينة «بئر العبد» الجديدة باستثمارات 100 مليار جنيه، فى نفس المنطقة، وهذا رد أقوى فى معركة التنمية من المواجهة العسكرية وإن كان ليس بديلا عنها.
ومن هنا تأتى أهمية قراءة ما حدث ويحدث فى سيناء برؤية أوسع تتجاوز المتابعات الإعلامية الانطباعية المرتبطة بضغط الوقت، فقد آن الأوان لكى نبحث بعمق عن الدلالات، آخذين فى الاعتبار التوابع والتداعيات التى أعقبت العملية، فضلا عن الحاجة الملحة لأن يواكب هذه المواجهة، خطاب إعلامى شارح ومفسر ليس فقط لأهلنا فى سيناء وإنما ايضا لجميع المصريين،للتوعية بالأهداف الحقيقية لما يحدث، وهذا يستدعى الوقوف عند عدد من المؤشرات بدت أكثر وضوحا فى تلك العملية الإرهابية الخسيسة:
أولا: واضح من حجم العملية الإرهابية بمسجد الروضة ونوعيتها، أنها استهدفت خلق فوضى وهزة تفقد التوازن وتنتج عنها ردود افعال سريعة تقود الى مزيد من الفوضى.
ثانيا: قد لا يعرف المواطن المصرى جهود تعمير سيناء التى توضح أن ثمة نية حقيقة للبناء والاستثمار وتنمية المنطقة، ولا يتسع المجال هنا لسرد ما تم أو ما يجرى من هذه المشروعات التنموية، وانما نتوقف عند بعض الملامح فعلى سبيل المثال ناقش مجلس الوزراء خلال اجتماعه فى أغسطس الماضى خطة موسعة لتنمية سيناء ومحافظات القناة، بتكلفة 28 مليار جنيه، منها 9 مليارات لتنمية سيناء، وتشمل الاستثمارات إنشاء 5 آلاف وحدة سكنية، وإحلال شبكة المياه بالعريش، والكهرباء فى رفح والشيخ زويد لرفع قدرتها وإنشاء محطة مياه عملاقة لتؤمِّن المياه بغرب العريش،وتطوير شبكة المياه بالعريش.
وبعد أن كان لدينا نفق واحد يربطنا بسيناء اصبح لدينا 4 أنفاق جديدة ومدن متكاملة بأرض الفيروز ومشروعات تنفذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى سيناء ومنها مدينة الإسماعيلية الجديدة، وتطوير طرق سيناء بالكامل مثل «طريق شرق بورسعيد شرم الشيخ، وطريق الإسماعيلية العوجة، وتطوير منطقة شرق بورسعيد، ضمن مشروع تنمية محور قناة السويس، ويشمل ميناء بطول 5 كم ومنطقة صناعية وأخرى لوجستية و1000 وحدة سكنية للعاملين بالمنطقة ومناطق للإستزراع السمكى، ومطار دولى بوسط سيناء. كما تم إنشاء 12 مدرسة و4 إدارات تعليمية بمناطق العريش ونخل وبئر العبد والحسنة، ورفع كفاءة 9 مدارس ومعهد أزهرى بالشيخ زويد ورفح والعريش.ويجرى حاليا إنشاء 3 مستشفيات مركزية وتدبير الأجهزة الطبية ببئر العبد ورفح ونخل.
إزاء هذا الزخم فى مشروعات التعمير بسيناء تصاعدت موجات الارهاب المنظم هناك، ولاقت مواجهة شرسة من الجيش، وعندما شعرت المجموعات الإهابية التى كانت تستهدف الجيش والشرطة بخيبة أمل اتجهت الى القطاع الاضعف وهو ضرب المدنيين حتى لو كانوا داخل المساجد.
ثالثا: لا يمكن إغفال تداعيات هزيمة داعش بسوريا والعراق، وخروج مجموعات من التنظيم من أرض المعركة بحماية كردية وهو ما كشفته هيئة الإذاعة البريطانية مؤخرا، وهنا يتساءل كثيرون هل انتهى دور «داعش» أم أن هناك وظائف جديدة سوف يوكلها إليه الراعون له؟
رابعا: بعد يومين من علمية الروضة قالت وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية، إن «أفضل مكان للفلسطينيين ليقيموا فيه دولتهم هو سيناء»، بحسب القناة العبرية الثانية، وعبرت مصر عن طريق سفيرها بتل أبيب،عن غضبها الشديد إزاء تلك التصريحات.
خامسا: بعد أيام قليلة من العملية، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية وثائق سرية بريطانية تقول ان الرئيس الأسبق حسنى مبارك قبل طلبا أمريكيا بتوطين فلسطينيين بمصر.وهو ما نفاه مبارك ـ فى بيان ـ وأكد تمسكه بعدم التفريط فى اى شبر من سيناء.
كل ذلك يشير إلى الأهداف الحقيقية للإرهاب فى سيناء وهو إخلاؤها لتكون مطمعا لاحلام الواهمين، ويؤكد لنا بوضوح أن الحل فى المزيد من التعمير.