على فاروق
بالمرصاد - المواطن المصري البسيط .. شخصية عام 2017
ساعات قليلة ونودع عام 2017 بكل أفراحه وأحزانه ونستقبل عاماً جديداً ندعو الله أن يكون أفضل الأعوام.
وفي مثل هذه الأيام من العام الماضي كتبت في نفس المكان أن عام 2017 سيكون من أصعب الأعوام للمصريين.. وذلك بعد القرارات الاقتصادية الجريئة التي اتخذها الرئيس عبدالفتاح السيسي وعرفت باسم "تعويم الجنيه".. وهي القرارات التي استهدفت تحقيق إصلاح اقتصادي حقيقي بدلاً من العلاج بالمسكنات التي ظللنا نعيش بها منذ أكثر من 40 عاماً وكانت النتيجة ما وصلنا إليه من تدني موارد الدولة وزيادة الديون وتراجع الإنتاج والصادرات و أصبحنا نستورد أكثر من 70% من احتياجاتنا الأساسية من الخارج.
وفي رأيي أن المواطن المصري يستحق وبكل جدارة أن يكون شخصية عام 2017 بعد أن تحمل ما لا يتحمله بشر خلال هذا العام.. من زيادة رهيبة في الأسعار وارتفاع كبير في فواتير الكهرباء والمياه والغاز والمواصلات بشكل لم يحدث من قبل.. ولكنه صبر وتحمل لأنه أدرك بذكائه الفطري أنه لا سبيل أمامنا إلا الإصلاح الجذري وأن هذا الإصلاح يتطلب اتخاذ قرارات صعبة وقاسية.
صحيح أنه شكا وصرخ وتألم في صمت ـ وهذا أمر طبيعي ـ وكان يمكن أن ينفجر لو لم يفعل ذلك.
وقد أدرك هذا المواطن أن مؤامرة 25 يناير التي خدعت غالبيتنا ضربت اقتصادنا في مقتل.. وتسببت في إغلاق آلاف المصانع وهروب الاستثمارات وتراجع الإنتاج بشدة وانهارت السياحة التي كانت واحدة من أهم الموارد الأساسية للدولة.
لقد أخطأنا عندما تركنا من يسمون أنفسهم بـ "النشطاء" ـ وهم في الحقيقة عملاء ـ يضحكون علينا ويخدعوننا ويصرون علي إسقاط النظام بدون أن يكون هناك بديل.. وكانت النتيجة انتشار الفوضي والخراب في بلادنا.. وهو ما سعي إليه أعداؤنا بمساعدة الجماعة الإرهابية إياها.
وكان علينا أن ندفع الثمن.. وتحمل المواطن المصري البسيط الدواء المر بشجاعة منقطعة النظير.. بعد أن انخفض مرتبه المحدود أصلاً ـ بنسبة لا تقل عن 50% ـ نتيجة الانخفاض الكبير لقيمة الجنيه المصري أمام جميع العملات العربية والأجنبية.. ولكن استطاعت "ست البيت" المصرية العظيمة أن ترتب أمورها وأن تقلل مصروفاتها وأن تمتنع عن أشياء لتثبت أنها أفضل وزير مالية في العالم.
المواطن المصري البسيط تلقي عام 2017 أيضاً ضربات جديدة ومروعة من الجماعات الإرهابية التي تدعمها قوي عظمي بالإضافة إلي قوي إقليمية تقدم لها المال والسلاح بهدف إسقاط مصر كما سقطت سوريا والعراق وليبيا.. لأنهم يدركون أن إسقاط مصر سيفتح لهم كل الأبواب للاستيلاء علي المنطقة العربية كلها وإعادة تقسيم دولها من جديد إلي دويلات صغيرة يتحكمون فيها كما يريدون.
شيّع المواطن المصري خلال هذا العام العديد من الشهداء من الآباء والأبناء والأشقاء.. ولكنه أبداً لم يهتز ولم يضعف وأكد إصراره علي تقديم المزيد من أجل أن تعيش مصر.
في عام 2017 أيضاً عاني الشاب المصري من انخفاض فرص العمل في الوقت الذي يزيد عدد الخريجين من الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية والتجارية والصناعية ليصل إلي حوالي 800 ألف شاب سنوياً.. بينما لا توجد فرص عمل كافية لهذه الأعداد الهائلة توفر لهم فرص العيش الكريم ولكنهم لم ييأسوا ولم ينفجروا لأنهم يشاهدون يومياً حجم المشروعات القومية التي أقيمت وتقام في كل مكان.
أقمنا قناة جديدة.. ونبني عاصمة جديدة علي مساحة تعادل مساحة دولة سنغافورة.. ونقيم مدنا للجلود والرخام والأثاث والدواء ونبني 13 مدينة جديدة وأكثر من مليون وحدة سكنية ونزرع مليون ونصف مليون فدان وأقمنا أكبر مزارع سمكية في الشرق ونفذنا مشروعاً قومياً للطرق لم يتحقق طوال تاريخ مصر وأقمنا محطات كهرباء علي أعلي مستوي وأقمنا أنفاق عملاقة تنهي عزلة سيناء وتنقلنا إليها في نصف ساعة فقط.. وحققنا الاكتفاء الذاتي من الغاز.. وننتقل قريباً إلي التصدير.. وسلحنا الجيش بأفضل وأحدث المعدات العسكرية ليحتل المركز العاشر بين أقوي جيوش العالم.. ودخلنا العصر النووي بعد اتفاقنا مع روسيا علي إقامة 8 مفاعلات نووية ستحقق للبلاد إيرادات هائلة.. بالإضافة إلي إنجازات أخري كثيرة لا يتسع المجال هنا لذكرها.
وفي رأيي أن عام 2018 سيكون عام جني الثمار.. بالطبع لن تحل فيه كل المشاكل لأننا نواجه حرباً ضروس ولأن المؤامرة مازالت مستمرة من الداخل والخارج أيضاً.. ولكنني متفائل بأن المواطن المصري البسيط الذي صبر وتحمل ما لا يتحمله بشر قادر علي القضاء علي هذه المؤامرة خلال العام لينطلق المارد ويعود لريادة الشرق الأوسط من جديد.
وأري أنه قد آن الأوان أن يتحمل أغنياء هذا الوطن مسئولياتهم ويدفعون الحقوق التي عليهم للوطن.
لقد كشف الجهاز المركزي للإحصاء مؤخراً عن وجود أكثر من مليوني وحدة سكنية مغلقة في جميع أنحاء البلاد ومنها قصور وفيلات ومن يقوم بجولة في المدن الجديدة سواء في التجمع أو العبور أو الشروق أو أكتوبر وغيرها في المحافظات سيجد أعداداً هائلة من هذه الوحدات مغلقة منذ سنوات طويلة.
والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا لا يتم فرض ضرائب علي هذه الشقق المغلقة.. ولتساهم في توفير مليارات الجنيهات لخزانة الدولة يتم استخدامها في إقامة وحدات سكنية بأسعار مخفضة للشباب حتي تقضي علي مشاكل الإسكان والعنوسة؟!
آن الأوان أن تأخذ الحكومة من الأغنياء لتعطي الفقراء.. وأتمني أن يتحقق هذا الأمل في عام 2018. في الانتظار!!