المساء
محمد جبريل
من المحرر - عام جديد .. وأفعل التفضيل
عادة ألفناها. ومللناها: حين يقترب العام من نهايته يتلقي المبدعون والنقاد سؤالاً واحداً لا يتغير: ما أفضل كتاب قرأته في العام الفائت؟
يقول الناقد المعروف عبر الهاتف: لا أذكر الإصدارات جيداً.. فهل تنعش ذاكرتي؟
يذكر له المحرر ثلاثة أو أربعة كتب. يختار منها الناقد أهم كتب العام.. ربما دون قراءة!
وتنشر الصحيفة. أو البرنامج الإذاعي أو التليفزيوني. قائمة بأفضل الكتب. لا تصل إلي عشرة كتب. لكن الوسيلة الإعلامية تعتبرها أهم كتب العام إطلاقاً.
شاهدت اللامعة مني الشاذلي تستعرض في برنامجها الفضائي عناوين عشرة كتب اختارتها. باعتبارها أفضل كتب العام. وطالبت الجمهور في الأستديو. وأمام الشاشة الصغيرة. أن يختار أفضل الكتب العشرة.
الطريف أنها نادت علي الكاتب الفائز ـ فور إعلان النتيجة ـ فطالعنا من وراء الستار. حيث كان يختبيء تسلم جائزته. وقدم للشاذلي هدية لحُسن اختيارها!
وثمة من يفتش عن أصدقائه. فيرشح أعمالهم. بل إن بعض المحررين فوجيء بأن أصدقاءه لم يصدروا كتباً خلال العام. فاكتفي بقائمة للأدباء الذين لم تصدر لهم كتب في أثناء العام.. لأصدقائه!
ويذكر الناقد الكبير ـ وهو أستاذ جامعي مرموق في الوقت نفسه ـ رواية يعتبرها أفضل روايات العام. وتسأله المذيعة: ما الروايات الأخري التي قرأتها ولم تعجبك؟ يجيب: هذه هي الرواية الوحيدة التي قرأتها.. وقد أعجبتني!
وأذكر أنني سألت أستاذاً جامعياً صديقاً: ما بواعث اختيارك رواية الكاتبة الشابة فلانة أهم إصدارات العام؟
قال بثقة وبساطة: أبداً.. أردت تشجيعها فهي مثل ابنتي!
وتصدر وسيلة إعلامية أخري قائمة مغايرة من ألفها إلي يائها. ويختار المتلقي المسكين: أيها يصدق؟.. ثم يقرر ـ وهو ما أفعله شخصياً ـ أن يمهل تلك الاستبيانات المضللة. ويعتمد في رؤيته علي ما قرأه بالفعل. وأجدر هذه القراءات بالتقدير.
وثمة من يعيب علي إصدارات العام كلها بأنها تافهة ولا تستحق القراءة. تسأله: ماذا قرأت منها؟.. يقول: لم أقرأها لأنها تافهة.
علي ماذا بني حكمه إذن؟
أجيب عن السؤال لو أنه قرن أفعل التفضيل بالأحداث الثقافية التي عاشها الجميع أو تابعوها. أما أن أحدد أفضل كتاب صدر في مدي عام كامل. فهو خطأ معيب. لا أتصور أن يرضي به مثقف حقيقي.
ثمة عشرات المطبوعات تصدر في مدي العام ما بين روايات ومجموعات قصصية ومسرحيات وكتب نقدية وغيرها.
وإذا كان من الصعب تصور أن أحداً قرأ معظم هذه المطبوعات. فضلاً عن استحالة تصور أنه قرأها جميعاً. فإن تقديري لعمل ما بأنه الأفضل ينطوي علي تعسف غير مقبول.
من حقي ـ وربما من واجبي ـ أن أقرر أنني استمتعت بقراءة عمل ما. أو أنني أفدت منه.. لكن أفعل التفضيل تلغي هذا الحق. الواجب. فيصبح نكتة سخيفة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف