اليوم السابع
كريم عبد السلام
الكونجرس يبدأ الانتقام من مصر
هل تعتقدون أن الموقف المصرى بشأن القدس وجرجرة واشنطن إلى إدانة دولية بالإجماع فى مجلس الأمن، يمكن أن يمر مع إدارة ترامب المغرورة والسمجة مرور الكرام؟

تذكروا أن أربع عشرة دولة هى الأربعة الأعضاء الدائمى العضوية بخلاف أمريكا والعشرة غير الدائمين قالوا لا لقرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وما يترتب على ذلك من نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المحتلة التى تنظم شؤونها مجموعة من القرارات الأممية ملزمة لسلطة الاحتلال.

وتذكروا أن هذا الإجماع العالمى كان بسبب مشروع قرار مصرى تم الإعداد والحشد جيدا له، واستطاع فرض العزلة على واشنطن باعتبارها الدولة الوحيدة التى تضرب عرض الحائط بالقانون والشرعية الدوليين وتضفى المشروعية على آخر سلطة احتلال فى العالم، بناء على أساطير يعتنقها ترامب وأسرته.

مشروع القرار المصرى والقدرة على الحشد فى مجلس الأمن رغم الفيتو الأمريكى، هو أيضا ما دفع دول العالم إلى اللجوء للأمم المتحدة وفق بدأ الاتحاد من أجل السلام، حيث تم التصويت على قرار برفض موقف ترامب الشاذ من اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، واستطاع القرار أن يحقق استجابة 128 دولة من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة.

كان أول رد فعل من ترامب ضد الحشد المصرى ضد قراره الشاذ أنه عايرنا بالمساعدات الأمريكية وهددنا بقطعها رغم ذهاب معظمها للخبراء الأمريكيين فى مصر، قائلا: «إنهم يأخذون مئات الملايين من الدولارات وربما مليارات الدولارات ثم يصوتون ضدنا، حسنا، سنراقب هذا التصويت، دعوهم يصوتون ضدنا، سنوفر كثيرا ولا نعبأ بذلك».

لكن يبدو أن الدوائر المعنية فى الكونجرس قررت فتح ملفات الضغط المعتادة على مصر أو ما تظنها وسيلة لى ذراعها ومنها اضطهاد الأقباط وملف حقوق الإنسان، وكلاهما مليئان بأكاذيب المخبرين الصغار والتقارير المزورة والشكاوى الكيدية من جماعات مثل الإخوان بهدف التشويش لا أكثر ولا أقل.

وبالفعل، نظم الكونجرس الأمريكى جلسة استماع بشأن ما أسماه بوضع الأقباط فى مصر، استمع لمن فى هذه الجلسة؟ إلى أليكس شلبى رئيس منظمة التضامن القبطى، لماذا أليكس شلبى؟ لأنه المقرب من دوائر الاستخبارات الأمريكية ويستطيع أن يطرح ما يراد له أن يطرحه فى التوقيت المطلوب، وفى هذه الجلسة تباكى أليكس شلبى على أوضاع الأقباط فى مصر وصور أحوالهم على أنهم مضطهدون وكأنهم يعيشون مأساة الروهينجا، إلا أن أخطر ما زعمه، أن أرواح الأقباط جميعا فى خطر وأن الدولة تتغافل عن حمايتهم، وهذا هو المطلوب تسجيله فى جلسة استماع بالكونجرس على لسان قيادى قبطى أمريكى يخشى على أرواح أبناء وطنه الأم من الإبادة والاضهاد!

بعد جلسة الاستماع، ستبدأ الآلة البيروقراطية الأمريكية فى الدوران باتجاه الانتقام من القاهرة، وانتظروا مجموعة من البيانات المتوالية والتوصيات شبه الملزمة لترامب أو التى على هوى ترامب فى هذه الفترة، تبدأ بإعلان القلق العميق على حياة الأقباط المصريين ويتلوها بيان يدعو الحكومة المصرية إلى تحمل تبعاتها فى حماية المواطنين الأقباط، ثم بيان ثالث مفعم بالقلق العميق من عدم اتخاذ الحكومة المصرية الخطوات الواجبة لحماية الأقباط قبل أن تقرر لجان فرعية فى مجلس النوب اقتطاع مبالغ من المعونات النقدية وكذا المساعدات العسكرية.

هذه الإجراءات الانتقامية الساذجة لن تؤثر فى القاهرة بقدر تأثيرها على المصالح الأمريكية بالمنطقة العربية كلها، وإن غدا لناظره لقريب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف