الوطن
ريهام فؤاد الحداد
العقل زينة
الإنسان مخلوق رائع، أشهد الله ملائكته على إعجاز خلقه له وتفرد صنعته به، وأمده بسلاح وأعجوبة لم يعطها لمخلوق آخر. (ميّزه بالعقل)، والذى قال بشأنه سبحانه: (قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّى أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم.

خلق الله لآدم عقلاً وقلباً مختلفاً عن سائر المخلوقات، وعلم سبحانه أن بهذا الخلق ستعمر الأرض ويعبد اسمه جلّ وعلا بطريقة مختلفة وستختلف الحياة على سطح الأرض (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِى بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) صدق الله العظيم.

جاء الشيطان حاقداً حانقاً على آدم وقصة خلقه والأمر الإلهى بسجود سائر المخلوقات له، وتوعّده وذريته بالتربّص والإغواء، وكان ما كان منه عبر التاريخ وإلى يومنا هذا.

أجاب رب العزة ملائكته بأنه سبحانه يعلم ما لا يعلمون، وهكذا قضت حكمة الله أن يعمر آدم الأرض ويزرع ويخترع ويحرث ويتعلم ويبحث ويتطور.

فعلها آدم الطيب، طيب الخلق والخلقة، وامتدت ذريته فى الإعمار حد اكتشاف الكواكب والمجرات والعوالم الأخرى. من دون أجنحة تخطى آدم حدود استخدام الأجنحة، وبجسمه ذى القدرات المحدودة استطاع اختراق الغلاف الجوى وسبر أغوار البحار وطوّع الطبيعة ومكوناتها لاستخدامها فى (إعمار الأرض) وظيفته التى خُلق من أجلها.

وخلال رحلة الإنسان الطويلة فى إعمار هذا الكوكب، لازمه دوماً وجرى مجرى الدم بأوردته الشيطان الرجيم، إبليس الذى رفض السجود لأمر الله فى خلق مخلوق متفوق ومهذب، له عقل جبار وروح تواقة لطاعة الله وتنظيم أرض استخلف بها.

علم إبليس نقاط قوة آدم، لهذا عمل على تعطيلها (عقله وقلبه) كانت وسوسته له إلحاحاً بأفكار خبيثة تحاول التغلب على منطقية العقل والتفكير، وقتل قلبه الذى خلق رحيماً محباً، وسوسة تعادل تأثير الخمور والمسكرات والمخدرات، ليخلو آدم من أى تميّز أو كيان!!

ثم اكتملت له الحيلة بأن استعمل بعضاً من ذرية آدم كخدم له، ضامناً ولاءهم، هؤلاء كانوا على مر العصور هم الطغاة والظلمة والكافرين والقتلة وأهل الفجور والبدع والضلال والفساد.

هؤلاء هم تجار الأسلحة والمخدرات وسماسرة الأوطان وأصحاب السيوف والبنادق والمشتغلين بالخراب والعلاقات المحرّمة والأفكار المسمومة، هى صفقة قديمة عُقدت مع الشيطان تتجدّد بينه وبين بعض أحفاد آدم، والضامن دائماً للولاء هو تعطيل العقل وإماتة القلب.

فإن رأيتم قاتلاً فاسداً مفسداً بالأرض يدّعى الانتماء إلى الله والدفاع عن دين الله، ومنشغلاً بإيمان غيره، ولا يعى أبسط قواعد الإيمان ليلتزم بها هو أولاً، اعلموا أن عقله المعطل وقلبه الميت ما هو إلا دليل إبرامه صفقة لعينة مع الشيطان ليكون له ولياً وإن ادّعى الإيمان!!

العقل المعافى والنفس الطيبة بأمان إلى يوم الدين.

العقل مرتبط بالعلم، وبالأخلاق وبالتحضر، وهو من يقود إلى الإيمان الصحيح والإعمار المثمر والخير المستمر. العقل زينة الإنسان وأساس بنائه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف