ألا تعرفين أنك من البلد الذي نبتت فيه بذرة العلم الأولي" تلك المقولة ذات الدلالة الحضارية الكبري قالها البروفيسور الباكستاني محمد عبد السلام أحد أهم العلماء في عالمنا المعاصر والحائز علي جائزة نوبل للفيزياء عام 1979 أثناء حوار مع الأكاديمية والبرلمانية السابقة د. فرخندة حسن خلال عملها في منظمة العالم الثالث للمرأة في العلوم.
ومقولة البروفيسور محمد عبد السلام "29 يناير 1926 بنجاب - 21 نوفمبر 1996 أكسفورد" شهادة مؤثقةپ وموضوعية تؤكد أن بذرة العلم نشأت في مصر ثم انتقلت الي بقية العالم فنمت كي تنير طريق الانسانية حتي اليوم . ويسجل التاريخ أن البروفيسور عبد السلام هز المجتمع العلمي العالمي في كلمته أمام حفل إهدائه جائزة نوبل في السويد عندما قال : "ان تعريف مصلح العلم "Science" المتفق عليه في عصرنا الحديث جاء منذ 14 قرنا من الزمان في قلب تعاليم الدين الاسلامي من خلال قرابة 750 آية من آيات القرآن الكريم تحث بني الانسان علي التأمل في الكون والتمعن في الظواهر الطبيعية والكونية . واستخدام العقل لمعرفة كيف نشأت وكيف تعمل¢. وكانت كلمة البروفيسور عبد السلام رسالة قوية أثرت بعمق في الكثير من العلماء خاصة عندما أكد في كلمته أن إنجازاته وبحوثه في مجال العلم ما هي إلا نتاج إتباعه المنهج الذي أوصي به الإسلام.
مقولة البروفيسور عبد السلام بشأن بلد بذرة العلم كان يقصد مصر . مما دفع الدكتورة فرخندة للبحث في تاريخ العلم لتوثيق تلك المقولة وسجلت ذلك في كتابها القيم الذي يحمل عنوان "نبذة عن تاريخ العلم الذي نبتت بذرته الاولي في مصر". واحتوي الكتاب علي شهادات موثقة تؤكد الريادة العلمية للمصريين أهمها للمؤرخ العالمي العريق جورج سارتون الذي قال : "انه من سذاجة الأطفال أن نفترض أن العلم بدأ في بلاد اليونان . فالمعجزة الإغريقية سبقتها آلاف الجهود العملية في مصر وفي أرض ما بين النهرين¢. ومن أقوال سارتون الشهيرة أيضا : "إن الوثائق الخاصة بالعلم في مصر وفي بلاد ما بين النهرين أدق من وثائق العلم الإغريقية . كما كان في التراث العلمي المصري والبابلي وثائق قديمة ليس لها نظير في التراث اليوناني القديم". وجورج سارتون " 1956 - 1984" يعتبره العلماء مؤسس تاريخ العلم كفرع من فروع المعرفة . وشغل منصب رئيس الاتحاد الدولي لتاريخ العلوم . وجاء في ص 24 من الكتاب أن سارتون أسس مجلة علمية عام 1920 أسماها "ايزيس" لنشر الأبحاث في مجال تاريخ العلم. وفي عام 1936 أسس مجلة علمية أخري اسماها "أوزوريس " لنشر الأبحاث المطولة نسبة إلي الأسطورة المصرية القديمة المعروفة باسم "ايزيس واوزوريس" مما يؤكد اعتزازه بالحضارة المصرية القديمة.
وأورد الكتاب شهادة أخري للمؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت قال فيها : "إن معظم علماء الإغريق القدامي كانوا يقضون شطرا من حياتهم علي ضفاف النيل وايضا في بلاد ما بين النهرين". وأشار الكتاب القيم بموضوعية وأنصاف إلي نبوغ المصريين القدماء في علوم كثيرة في الطب والهندسة والفلك والكيمياء وعلوم الأحياء والعمارة والصناعة وغيرها كثير مما أفاد الانسانية.
أحاول استدعاء حقب المجد في تاريخ مصر ليس للتباهي بما قدمه أجدادنا . وليس للتباكي عليها . وليس للتحسر علي أحوالنا المتردية . ولكن لتكون بمثابة حافز قوي لكل المصريين للتصدي للهجمة الشرسة التي تتعرض لها بلدنا والمنطقة العربية كلها من تحالف قوي اقليمية ودولية يضم إسرائيل وأمريكا وروسيا وتركيا وإيران وإثيوبيا. الذين وصفهم السفير محمد مرسي بـ "الأكلة اللئام القساة¢.
وحتي لا نكون لقمة سهلة لهؤلاء الأكلة أري أنه من الضروري ونحن في بداية عام جديد أن نعجل بترتيب جبهتنا الداخلية ونبتعد عن أي إجراء يزيد التوتر المجتمعي مع إعادة ترتيب صحيح لعلاقاتنا العربية.
وأري أننا قادرون خاصة وأننا كما قالت الدكتورة فرخندة لا نزال نحمل جينات وخصائص من نبت العلم علي أيديهم .