الجمهورية
بسيونى الحلوانى
إخواننا السلفيون .. احذروا التكفير
من المزالق الخطيرة التي يقع فيها بعض السلفيين في مصر-شيوخهم وشبابهم- إطلاق أحكام شرعية لا يدركون ضوابطها ومحاذيرها وتداعيات التسرع فيها وعدم الإلمام بقواعدها الشرعية .
ونحن - بالتأكيد- لا نشكك في نوايا هؤلاء المتحمسين لتطبيق تعاليم دينهم ومواجهة التجاوزات السلوكية التي يرونها في سلوك البعض هنا أو هناك.. لكن نحذر من فتح باب التكفير والتفسيق والحكم علي شخص أو مجموعة أشخاص بالشرك بالله لمجرد ارتكاب تجاوز سلوكي لا يقره الشرع.. أو لمجرد فهم أمر من الأمور علي غير المقصود منه شرعا ربما لجهل بحقيقته وربما لقناعة خاطئة تحتاج الي تصحيح بالرفق وتوجيه لا يخلو من رحمة وتسامح ودعوة الي تعاليم الدين الصحيحة بالحكمة والموعظة الحسنة.
لقد أزعجني تصريح أحد دعاة السلفية في مصر تجهيزه لدعوي ردة ضد د.سعد الدين إبراهيم لتطاوله علي الشريعة الإسلامية واتهامه لها بعدم صلاحيتها للعصر.. كما أزعجني قراءة عبارات تحمل أحكاما بالكفر أو الشرك بالله علي ألسنة بعض الشباب السلفيين في مواجهة تجاوزات سلوكية تعارف عليها بعض الناس واعتبروها من مظاهر التدين والحب والوفاء لرسول الله صلي الله عليه وسلم مثل مواكب الاحتفال بذكري مولده. وهي تحتاج الي توعية وتوجيه وليس الي إطلاق أحكام خطيرة تخرج بجماعة من المسلمين من دائرة الإيمان الي دائرة الشرك بالله.
علي السلفيين - شيوخا وشبابا- أن يتخلوا عن آفة تكفير كل منحرف الفكر والثقافة وأن يردوا بما لديهم من علم صحيح علي المتطاولين والمخرفين.. وألا يتسرعوا في إطلاق أحكام خطيرة علي البسطاء ممن يحتفلون بالمولد النبوي بطقوس متوارثة ألفها كثير من الناس وليس فيها شرك بالله كما يتورط بعض شباب السلفية. وأن يعلموا أن مواجهة السلوكيات الخاطئة لا يكون أبدا بالتكفير. فالكفر نقيض الإيمان. والقرآن الكريم يحذر جموع المسلمين من هذا الأمر الخطير ويقول: "يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا".. ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يقول: "من صلي صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم. له ما لنا وعليه ما علينا" . ويقول محذرا هؤلاء المتسرعين غير المدركين لخطورة ما يفعلون: ¢إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه".
ثم إن معظم هؤلاء الشباب ليسوا أهل علم شرعي. وهم لا يملكون صلاحية الحكم علي تصرفات الناس. ولا صلاحية الفتوي في أمور الدين. وهم ليسوا أوصياء علي خلق الله لكي يكفروا ويفسقوا ويخرجوا بالناس من الايمان الي الشرك لمجرد رؤية بعض التجاوزات السلوكية.
علي شيوخ السلفية المعتدلين أن يتحركوا فورا لمواجهة هذا العبث الفكري الذي يمثل خطرا بالغا بكل من يحمله وبالمجتمع الذي يعيش فيه.. فقد قتل أبرياء في مذبحة قرية الروضة بسيناء علي يد حفنة من المجرمين استنادا الي فكر من هذا النوع وثقافة ضالة تقود أصحابها الي ممارسة القتل والتخريب انطلاقا من أحكام تكشف عن جهل وغباء ولا علاقة لها بالإسلام وشريعته العادلة.
تكفير الناس والخروج بهم من دائرة الإيمان بالله الي دائرة الشرك بالخالق ليس حقا لكم أيها الشباب.. واعلموا أنه ليس للأفراد -علماء أو غير علماء- الحكم بكفر إنسان. بل هذا الأمر الخطير - كما استقر رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر- هو مسئولية ولي الأمر داخل الدولة الاسلامية ويمثله الآن "القضاء" فالقضاة المؤهلون هم أصحاب الصلاحية بعد توافر الأدلة والبراهين الكافية لثبوت خروج المسلم علي دين الاسلام. ووفقا لشروط إثبات. وشروط نفي لابد من توافرها. والقضاة بمساعدة العلماء هم الفيصل في هذا الأمر.
بلادنا لم تعد تحتمل المزيد من حماقات التكفير ومطاردة الناس بما يرهبهم ويكرههم في الإسلام.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف