قضيت من عمرى أوقاتا طويلة فوق كوبرى أكتوبر، فهو طريقى اليومى فى الذهاب والعودة من العمل، حتى تحولت العلاقة بيننا الى «شراكة»، لم تفسدها أوقات الانتظار الطويلة، أو الحوادث، المفجعة الأليمة، ولم أتردد يوما فى الصعود إليه، بعد ان أصبحت ملما بكل أحواله.
الثلاثاء الماضى حدث ما لم أره من قبل ـ خلال ربع القرن ـ كان الوقت بعد الظهيرة، والكوبرى متوقف تماما، إلا من حركة سير بطيئة متقطعة، فلم أشغل نفسى بالأمر أو الوقت الضائع، إلى أن كانت المفاجأة الكبرى كانت «عربة كارو» يقودها صبى صغير، أما الحمار فكان يبدو سعيدا بـ «بالسير» فوق الكوبرى!.
لم أصدق عينى، ولم أجد إجابة عن سؤال، طرحه المشهد المثير: كيف صعدت هذه «الكارو»؟!، وفى محاولة للإجابة، وجدت أن العربة تسير فى الاتجاه القادم من مدينة نصر، ومعنى ذلك أنها صعدت إلى الكوبرى من ثلاثة مطالع: الأول من امتداد رمسيس، والثانى فى طريق النصر، أما الثالث فيقع فى شارع صلاح سالم، مما يعنى أن «الكارو» جاءت من أحد هذه الطرق، دون أن تلفت نظر أحد من قوات الأمن والمرور المتمركزة على طول الكوبرى.
إن الإجابة عن سؤال: «كيف صعدت «الكارو» إلى الكوبرى»؟ يفسر كل ما يحدث فى مصر من تجاوزات ومخالفات وجرائم صغرى وكبرى، ويكشف طبيعة حياة تضج بالفوضى، وتفتقر لكل المقومات والقواعد، المنظمة لكل شىء فى حياتنا، رغم «ترسانة» القوانين الموجودة والقادمة.
> فى الختام.. يقول الشاعر أحمد فؤاد نجم:
«يا مسأسأ الصبر على الجرح من بره
الجرح يا عم جايب دم من جوه»