مع أول أيام سنة ٢٠١٨ يشعر المرء بالتفاؤل. والسبب أن مصر بصدد اقتلاع جذور الإرهاب، وهي قادرة علي ذلك برغم مخططات معادية ويائسة يجري تدبيرها في خارج وداخل المنطقة. ويرجع التفاؤل أيضا إلي أنه تم تحرير العراق من تنظيم داعش الإرهابي الذي سبق أن سيطر علي ٤٠٪ من مساحته، كما نجح الجيش السوري بدعم روسي ـ في تحرير أكثر من تسعين في المائة من الاراضي السورية، التي كان أكثر من نصفها تحت سيطرة الإرهابيين، ونجح الجيش اللبناني في القضاء علي البؤرة الإرهابية في شمال شرق لبنان.
مهام كبري تنتظر مصر وسوريا والعراق في العام الجديد. مصر تستكمل مشروعاتها القومية الكبري وتنهي عزلة سيناء إلي الأبد وتحقق انطلاقة هائلة علي أرضها بالتنمية في كل المجالات، وتبدأ ثوراتها الجديدة في مناهج التعليم والثقافة ـ والآداب والفنون ـ والإعلام والخطاب الديني للقضاء علي الحاضنة الفكرية للتطرف والعنف والإرهاب.
ويتم تحرير الأراضي السورية بالكامل وتلوح هياكل دولة مدنية ديمقراطية حديثة وتتخلص سوريا من الوجود العسكري الأمريكي والتركي اللذين سبقهما دعم واسع للمنظمات الإرهابية التي تدفقت من جميع أنحاء العالم ـ حوالي مائة دولة ـ عبر الأراضي التركية برعاية ودعم مادي ولوجستي وعسكري وإعلامي من الولايات المتحدة وأتباعها. ولما كان الوجود العسكري الأمريكي الحالي في الأراضي السورية قد فرض نفسه بدون موافقة الحكومة السورية، وبدون دعوة أو طلب منها، فإنه يعد في حقيقة الأمر، غزوا لأراضي دولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة.
ولا يوجد تفسير لهذا الوجود، الذي طلبت الحكومة السورية أكثر من مرة وضع حد له، سوي منع الجيش السوري من استكمال تحرير ما تبقي من أراض خاضة لسيطرة الإرهابيين حيث إن الوجود الامريكي هو العائق الوحيد أمام إنجاز هذه المهمة. ولا معني لبقاء القواعد والقوات الخاصة الأمريكية سوي تقوية ومساندة عناصر إرهابية وتشجيعها علي رفع سقف مطالبها في أي مفاوضات والضغط علي دمشق لفرض حل سياسي يحول هزيمة الإرهابيين إلي ما يشبه الانتصار، وكذلك ممارسة الابتزاز بورقة تقسيم سوريا إلي »كانتونات» طائفية ومذهبية وعرقية، والإصرار علي المنافسة الاسترايتجية العسكرية في مواجهة روسيا.
ومازالت الوحدات الامريكية في الشرق السوري تدعم الآن المنظمة الإرهابية التي تحمل اسم »جبهة النصرة» ـ القاعدة ـ مما يوضح أن لهذه الوحدات »أجندة» أخري لا علاقة لها بمحاربة داعش . وقد وجهت وزارة الدفاع الروسية اتهاما لواشنطن بتشكيلها »وحدات عسكرية» جديدة من عناصر تنتمي إلي منظمات إرهابية لمحاربة الجيش السوري.
الأغرب من ذلك أنه رغم الانتصار العراقي النهائي علي أكثر التنظيمات دموية في العالم، فإن الولايات المتحدة تزيد عدد قواتها وقواعد انتشارها في العراق، وخاصة في وسط البلاد وغربها. ويقال إن الهدف هو »ضبط الحدود العراقية ـ السورية» و »منع حلفاء إيران» من الوصول إلي هناك.
ووفقا لتقديرات الحكومة العراقية، فإن عدد القوات الامريكية هناك لا يتجاوز الثمانية آلاف بينما تشير تقديرات غير رسمية إلي رقم ٢٠ ألفا أو أكثر. ورغم أن رئيس الحكومة العراقية يري أن واشنطن وحلفاءها قادرون علي تقديم دعم مهم في الحرب علي الإرهاب، إلا أن العديد من العراقيين يقولون إن القضاء علي داعش كان بجهد عراقي خالص، وأن الأمريكيين أعاقوا كثيرا تقدم العراقيين في مواجهة التنظيم الإرهابي.
جدير بالملاحظة أن وثيقة الأمن القومي الأمريكي الجديدة التي طرحها الرئيس ترامب تؤكد علي عدم نية واشنطن الانسحاب من الشرق الأوسط أو تقليص وجودها في المنطقة، وهو ما تريده إسرائيل! ومن هنا نري أهمية أن يشهد العام الجديد حملة عربية ناجحة لإحباط قرار ترامب بشأن القدس.