المساء
مؤمن الهباء
إرهاب.. شو إعلامي
رغم أنها جريمة ساذجة وفاشلة بكل المقاييس إلا أن الذين خططوا لها ونفذوها كانوا يستهدفون إحداث أكبر قدر من التشويش والضجيج والصدي الإعلامي علي مستوي العالم.. لذلك اختاروا واحدة من أشهر المناطق التاريخية والسياحية في مصر مسرحاً لجريمتهم.. واختاروا أن يكون هجومهم متزامناً مع انعقاد مؤتمر التكتلات الاقتصادية الثلاثة في شرم الشيخ علي ساحل البحر الأحمر.
وقد قدر الله أن تبوء جريمتهم بالخسران.. وألا يتجاوز تأثيرها فرقعة قنبلة الصوت.. فلم يسقط شهداء.. ولم تقع خسائر في الأرواح.. خصوصاً أرواح السياح الأجانب المستهدفين.. وكانت الخسارة في حدها الأدني.
كل دول العالم تعاني من الإرهاب بشكل أو بآخر.. هذه سمة العصر الذي نعيشه.. لذلك ليس في صالحنا أن يتم تضخيم الحادث للقضاء علي السياحة قضاء مبرماً.. وإعادة ذكريات حادث الدير البحري عام 1997 عندما قام مسلحون بإطلاق النار علي عدد من السائحين مما أسفر عن سقوط 62 قتيلاً غالبيتهم من الأجانب.. ساعتها غطت صور الدماء والقتلي والمصابين شاشات التليفزيون في دول العالم أجمع.. وكانت ضربة قاصمة للسياحة ظلت تعاني من جرائها لسنوات طويلة.
الجرائم الإرهابية مرفوضة بكل لغات العالم.. ومدانة من كل الأديان والمذاهب.. ولم يحدث أبداً أن نجح الإرهاب في أن يحقق أهدافه أو يملي أجندته.. ومصر تاريخها معروف في التصدي للإرهاب والصمود في وجهه وهزيمته.. لذلك سوف تنتهي هذه الموجة الإرهابية كما انتهت الموجات السابقة بالفشل والهزيمة.. لكن علينا ونحن نواجه الإرهاب ألا نعمل علي تضخيمه والتهويل من شأنه.. حتي لا نضرب السياحة مرة أخري بأيدينا.. ولا نشعر الإرهابيين بأنهم حققوا ما أرادوه وخططوا له.
وقد أحسنت وزارة السياحة عندما أصدرت بياناً هادئاً وعقلانياً باللغة الإنجليزية في أعقاب الحادث أكدت فيه أن الحكومة تضع سلامة السياح كأولوية قصوي.. وأنها عززت الإجراءات الأمنية في كل المواقع السياحية بالإضافة إلي اتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان عدم إلحاق الأذي بأي شخص يزور مصر.
وفي هذا الصدد أيضاً رفض إلهامي الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية. وهو خبير سياحي متمرس. رفض التعليق علي الجريمة.. وطالب وسائل الإعلام بعدم التضخيم والتهويل حتي لا تتأثر حركة السياحة الوافدة إلي مصر.
وللأسف.. رغم هذه التحذيرات.. ورغم تجاربنا السابقة.. راحت بعض وسائل إعلامنا وصحفنا تتحدث عن الجريمة الساذجة الفاشلة وكأننا نواجه تنظيم القاعدة في مصر.. أو أننا أمام جريمة داعشية كتلك التي نراها في سوريا والعراق.. بل وراح البعض دون وعي ينتقد التقصير الأمني.. بينما اهتم البعض الآخر بالدفاع عن الأمن وقدراته وأسلحته.. وهو ما جعلنا نحن المصريين نعيش الخوف والفزع.. فما بالك بالسائح الذي يفكر ألف مرة قبل أن يحمل حقائبه ويأتي إلينا.
هناك لا شك من يريد أن يظهر مصر أمام العالم بأنها دولة غير مستقرة.. ويستخدم مثل هذه الجرائم المفلسة دليلاً علي ما يدعي.. وليس من الصواب ولا من العقل أن يتحول إعلامنا إلي بوق يروِّج هو الآخر لهذه الدعايات.. وينقل الإعلام الأجنبي عنه بما يضر مصر والمصريين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف