«إنت مش فاهم حاجة»..
جملة «خايبة» قالها إرهابى حلوان «أبو لبانة» للبطل صلاح الموجى فى أثناء عملية الانقضاض التى قام بها «الموجي» لشل حركته بعد فشل محاولته لاقتحام كنيسة «مارمينا».
«مش فاهم حاجة»، تعنى أن الإرهابى نفسه «فاهم كل حاجة»، وأن من أمسك به، وانهال عليه ضربا «مش فاهم حاجة»، ومعه كل شباب حلوان الذين «احتفلوا» به باللكمات والشلاليت.
بالنسبة للإرهابى إبراهيم إسماعيل، الموجى «مش فاهم حاجة»، وشباب حلوان «مش فاهمين حاجة»، وحلوان كلها «مش فاهمة حاجة»، ومصر كلها «مش فاهمة حاجة»، والجيش والشرطة والحكومة والقضاء والدولة والإعلام والأزهر والكنيسة، كل هؤلاء فى نظره «مش فاهمين حاجة»، أما البيه «عامل الألوميتال» فهو الوحيد «اللى فاهم كل حاجة»، ومقتنع بأن الإسلام دقن وجلابية وسواك و«بارك الله فيك» و«جزاك الله كل خير»، وليس عبادة ورحمة ومعاملة وخلقا حسنا, كما تعلمنا من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته العظام.
«مش فاهم حاجة»، قالها الإرهابى للموجي، ظنا منه أن الأخير «أبله» مثله، وسيقتنع فى ثوان بأن حامل السلاح وقاتل الأبرياء على حق، ويعمل لنصرة الإسلام، والباقون «كفرة»، فهل يوجد تعريف آخر للمريض النفسى غير ذلك؟!
هل يوجد أسوأ من أن يتخيل الإنسان أنه يعيش بمفرده فى هذا الكون، وأن أفكاره وقوانينه هى «كل حاجة»، وما دون ذلك كذب و«هراء»؟
أليس هذا الصنف من البشر هو الذى تحدث عنه القرآن الكريم فى سورة الكهف تحت مسمى «الأخسرين أعمالا»، فى قوله تعالى «الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا»؟!
هل الإرهابى «اللى فاهم كل حاجة» كان يدرك أنه مجرد خادم ساذج مكلف بتنفيذ جريمة كهذه قبل أيام من زيارة مايك بينس نائب الرئيس الأمريكى لمصر يوم 14 يناير الحالي لمناقشة موضوع واحد فقط هو «وقف اضطهاد المسيحيين»؟!
أليس نموذج الإرهابى «اللى فاهم كل حاجة» الذى اتضح أنه لا يفقه شيئا، لا فى الدين ولا فى السياسة، ولا فى فنون القتال أصلا، ولم يستطع حتى إدارة شئون ورشة الألوميتال، موجودا، بل ومنتشرا، بيننا؟
هل يختلف هذا النموذج عن شخصيات كثيرة من حولنا يتصور أصحابها أنهم «فاهمين كل حاجة»، وأن آراءهم هى الصواب، وأن ما عدا ذلك «سذاجة» و«تسطيحا». ألا نصطدم يوميا بنماذج لشخصيات مماثلة بعضها «تشر» منه العبقرية، وبعضها الآخر «غارق» فى بحور الحكمة والخبرة فى كل التخصصات، والبعض الآخر أيضا تلبسته مواصفات الزعامة وكاريزما القيادة؟
وزير أو مسئول سابق «فشل» فى منصبه فشلا ذريعا، ولكن لأنه «فاهم كل حاجة»، فقد تفرغ بعد المنصب لانتقاد وتسفيه قرارات وتصريحات ومواقف جميع الوزراء أو المسئولين الذين جاءوا من بعده.
مذيع «توك شو» كل مؤهلاته أنه حبيب رجل الأعمال الفلاني، ولكنه يظن أنه «فاهم كل حاجة»، فيعتبر نفسه قادرا على «تحريك الجماهير» و«قيادة الرأى العام»، وبث الرعب فى نفوس الدولة والحكومة والوزراء والمسئولين بمجرد كلمة أو «شخطة» أو «تكشيرة» أو «تبريقة» فى برنامجه الصاخب الذى يمتد لساعات يتحدث فيها دون توقف، وكأنه دكتور فى محاضرة!
مذيعة «توك شو» كل مؤهلاتها تيست كاميرا و«إيربيس» فى أذنها، ولكن لأنها «فاهمة كل حاجة» فهي تتحدث فى السياسة والاقتصاد والفن والرياضة وقتما تشاء وكيفا تشاء، وتعتبر «كلمتها» مسموعة، وتحذيراتها يجب أن تؤخذ فى الحسبان، وإلا فالحديث عن «الثورة» و«السقوط» و«الانهيار» هو العقاب للمسئولين والمشاهدين معا!
سائق تاكسى أبيض كل مؤهلاته «سيجارة» و«فوطة» و«عداد مش شغال»، ولكنه أيضا «فاهم كل حاجة»، فهو «الزعيم» و«أبو العريف» والخبير الاقتصادى الذى يجب على الزبون أن يستمع إليه و«يتجرع» كلامه حتى نهاية التوصيلة، وهو مؤمن تماما بأن مشروعات الضبعة وقناة السويس والأنفاق والمزارع السمكية وصفقات التسليح لا لزوم لها، لأن الأفضل إنفاق أموالها «كاش» على الغلابة!
شاب، كل مؤهلاته أنه «ثائر» ومتمرد و«بيعرف نت»، ولسانه معوج بكام كلمة إنجليزي، ولكنه أيضا «فاهم كل حاجة»، ومقتنع تماما بأنه المنقذ لهذا البلد، و«المخلص» لهذا الكون، ولو لم تستمع لخططه لهددك بالهجرة إلى بلاد نعرف عنها أنها لا تقبل الفاشلين، ولا المرضى!
.. أرأيتم ما تفعله بنا «إنت مش فاهم حاجة»، خاصة عندما ينطق بها أو يقاتل باسمها «اللى مش فاهم حاجة»؟!