الأهرام
محمد شعير
مواجهة مقبلة فى الأوبرا
كل عام ونحن جميعا بخير. يبدو أن بدايات عام 2018 سوف تحمل إلينا أنباء مواجهة مهمة مقبلة. المواجهة المرتقبة يُنتظر أن تدور وقائعها تحت قبة البرلمان، وتتعلق بميزانية مهرجان الموسيقى العربية، الذى نظمته دار الأوبرا المصرية، فى الفترة من 1 إلى 15 نوفمبر الماضي، وأوجه الإنفاق المالي، وحقيقة ما تقاضاه الفنانون المشاركون فى المهرجان. والمواجهة مطلوبة دوما فى كل قطاع ومجال، حتى يتكلم الجميع ويرد الجميع، فتثبت الاتهامات أو تسقط، وتظهر فى النهاية الحقائق، فالجهرُ أفضلُ من الهمس، والعلنُ كاشفٌ لا السر، حتى نكون حقا - كل عام- بخير.

القصة بدأت بطلب إحاطة - حصلتُ على صورة منه- تقدم به النائب المحترم طلعت خليل إلى وزيرى المالية والثقافة، بشأن «وجود تلاعب وشبهة فساد وتجاوزات فى الإنفاق عما هو مقرر من مبالغ تخص مهرجان الموسيقى العربية السادس والعشرين»، وفقا لنص طلب الإحاطة، الذى أشار إلى أن شبهات التلاعب تتعلق بعدة بنود، تشمل ما حصل عليه كل فنان من المصريين والعرب، والفرق الموسيقية، وقيمة تذاكر الطيران للفنانين العرب، والإقامة بالفنادق، ونفقات إصدار النشرة اليومية للمهرجان، وإيرادات التذاكر، مؤكدا وجود «تجاوزات صارخة»، وطالب بتقديم المستندات الدالّة على الصرف «فى ضوء أن دار الأوبرا المصرية هيئة موازنية تتبع كل الإجراءات المنظمة للصرف، وفقا لقانون المحاسبة الحكومية».

تواصلتُ مع النائب طلعت خليل، الذى قال لى فى البداية: «للعلم؛ فإننى لم أضع كل ما عندى فى نص طلب الإحاطة، وستكون هناك مفاجآت للحكومة عند مناقشته، إذ أن لديّ معلومات تفصيلية بالمبالغ التى (يُفترض) أن كل فنان قد حصل عليها فى المهرجان، من خلال مستندات دار الأوبرا وإدارة المهرجان نفسها، وللعلم أيضا فإننى لست ضد إقامة مهرجان الموسيقى العربية، بل ينبغى أن يكون إحدى وسائل القوة الناعمة لمصر، ويستحق أن ننفق عليه، بشرط أن تحقق منه مصر الاستفادة المطلوبة، وأن نضمن أن ما يتم إنفاقه من أموال يصل فعلا إلى الفنانين، لا أن يذهب هنا أو هناك»!.

ما معنى هذا الكلام؟!.. السيد النائب شرح بالتفاصيل قائلا: «هناك أرقام فى المستندات لا تتخيلها. هل يُعقل أن يكون المطرب السورى عاصى الحلانى قد حصل على مبلغ 150 ألف جنيه فى حين حصل الفنان هانى شاكر على 50 ألف جنيه فقط؟. ما علمته أن مبلغ الـ 150 ألفا لا يمكن أن يكون قد تسلمه عاصى الحلانى بالفعل. بالإضافة إلى ذلك هناك فرقة موسيقية عربية شبه مجهولة يُفترض أنها أخذت مبلغ مائة ألف جنيه، فى حين حصلت فرقة عبدالحكيم عبدالظاهر والمايسترو على 60 ألفا فقط. وهل حصل المطرب التونسى لطفى بوشناق على مبلغ مائة ألف جنيه بالفعل كما هو مدوّن فى المستندات؟!».

تساؤلات عديدة أثارها النائب طلعت خليل، كاشفا لى عن جانب مما بحوزته من معلومات ومفاجآت، ثم قال: «لأجل كل ما سبق وغيره الكثير؛ طالبت وزيرى المالية والثقافة فى طلب الإحاطة بأن يسلما للبرلمان ميزانية المهرجان بالكامل، والمستندات التى تثبت تسلم كل فنان أو فرقة موسيقية - من المشاركين على مدى أسبوعين- تلك المبالغ المذكورة المدوّنة أمام أسمائهم، لأن دار الأوبرا هيئة تتبع الموازنة العامة للدولة، وبالتالى فالمطلوب أن تخبرنا الحكومة كيف تم الإنفاق فى المهرجان، مع تقديم المستندات التى تثبت وصول الإنفاق إلى مستحقيه».

حديث النائب المحترم معى تطرق إلى جوانب أخرى مختلفة حول المهرجان، منها وجود مشكلات فى الحجز الإلكترونى لتذاكر الحفلات، وأن معظم المسارح الخمسة التى أقيم عليها كانت شبه خالية من الجمهور، وأنه حتى من الناحية الفنية فالمهرجان خرج عن فلسفته الرئيسية التى وضعتها الراحلة الدكتورة رتيبة الحفني، بأن يكون مناسبة لإحياء الموسيقى العربية، لكنه لم يعد كذلك وصار مجرد «مهرجان مجاملات».

جوانب متعددة أثارها طلعت خليل فى الحوار، لكننى مع ذلك وبرغم كل ذلك أقول إنه مازالت للحكاية بقية.

وإن القصة ما ينبغى أن تنتهى هكذا. كيف؟. سأخبرك.

الآن؛ لدينا طلب إحاطة فى البرلمان، تحدث فيه النائب كما يشاء، وهذا حقه. لكن أيضا من حق من تحدث بشأنهم - بل واجبهم- أن يردوا، لا علينا هنا، بل عليه، فى البرلمان. وهذا حقنا، بل واجبنا أيضا؛ أن نستمع إلى الكل، ثم نقول رأينا. وسوف نراقب ونتابع وننتظر. لن نُهمل أو نتناسى أو نغفل. بهذا تُبنى الديمقراطية؛ بالجهر والعلن، لا الهمس والسر، وبهذا - فقط- يمكن أن نصبح حقا بخير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف