محمد السيد عيد
الشيعة في شرق الوطن العربي «٢/٢»
ومن أهم الفرق الشيعية : الزيدية، وتسمي بهذا الاسم نسبة لمؤسسها زيد بن علي، وتوجد في اليمن، ويتزعمها حالياً الحوثي، وتحارب ضد عبد ربه منصور هادي الحاكم الشرعي للبلاد. كان زيد ابناً لعلي زين العابدين بن الحسين، وكان زين العابدين طفلاً مريضاً وقت مذبحة كربلاء، فأعفاه الأمويون من القتل لطفولته ومرضه. وآثر الرجل أن يهادن الأمويين حتي لاينقرض نسل الحسين من الدنيا، لذلك لزم العبادة حتي سمي بالسَّجّاد. وجاء ولده زيد رد فعل لهذه المهادنة، فاشترط علي أي إمام أن يخرج بالسيف. وربما استغلت إيران هذا المبدأ لتقنعهم بالحرب ضد الحاكم الشرعي.
تتلمذ زيد علي أيدي المعتزلة، من أهل السنة المؤمنين بالعقل، وتأثر بهم هو وفرقته من بعده. لذك فإن الزيدية من أقرب فرق الشيعة لأهل السنة. وقد وضع زيد مبدأ يمكنه حل الخلاف بين السنة والشيعة، هو : جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل. أي أن علياً كان الأفضل، لكن هذا لايمنع صحة ولاية أبي بكر وعمر مع أنهما مفضولان. ولايشترط زيد في الإمامة النص والتعيين، بل يري أنها تجوز لأي فاطمي عالم زاهد شجاع سخي باختيار أهل الحل والعقد. كما يجيز وجود إمامين في وقت واحد لو توافرت لكل منهما شروط الإمامة. لكن أتباع زيد اختلفوا بعده، خصوصاً الجارود الذي كفر المسلمين لأنهم نصبوا أبا بكر ولم يطلبوا علياً. كما أن أكثرهم ترك مبدأ جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل. والحوثيون الحاليون رغم أنهم زيدية إلا أنهم تأثروا بالفكر الخميني الإثني عشري، ولهم صلات وطيدة بطهران.
ومن فرق الشيعة في شرق الوطن العربي : الإسماعيلية، ولنشأة هذه الفرقة قصة، فقد عين الإمام جعفر الصادق ولده إسماعيل إماماً من بعده، إلا أن إسماعيل مات في حياة والده، فقال بعض المتشددين إن النص علي إمام بعينه لايرجع القهقري، أي لايرجع للخلف، وتمسكوا بأن إسماعيل هو الإمام، لذلك عرفوا بالإسماعيلية. وهؤلاء الإسماعيلية وراء الكثير من الفرق المتشددة. ومن هذه الفرق المتشددة فرقة الباطنية، أتباع الحسن بن الصباح، وكانوا يرون تصفية خصومهم جسدياً، ولذلك يسمون في التاريخ بالفداويين، والخناقين. وقد أخذ الإخوان وجماعات الإسلام السياسي هذا المبدأ عنهم في العصر الحديث. وكان زعيمهم يكلفهم بالعمل تحت تأثير الحشيش لذلك يسمون أيضاً بالحشاشين، وكانوا حرباً علي القادة المسلمين لفترة طويلة، فقتلوا مثلاً الوزير نظام الملك وغيره من الحكام، وحاولوا قتل صلاح الدين، لكن القاتل انكشف فقتلوه، وكان اسمه سنان، فصار بعد قتله شخصية مقدسة لديهم، وهم موجودون الآن في سوريا، لكنهم تركوا العنف. ولم يكسر شوكتهم تاريخياً غير الظاهر بيبرس. ويوجد بعض الاسماعيلية الآن في شرق المملكة السعودية، وهي المنطقة المضطربة هناك.
ومن الشيعة : الدروز، ويسمون أنفسهم الموحدين، ويعتبرهم بعض الدارسين شيعة إسماعيلية، وإن كان بعض الناس يخرجونهم من الإسلام تماماً. وهم موجودون في سوريا ولبنان وفلسطين وإسرائيل. وبينما يرفض السوريون منهم الاعتراف بانتماء الجولان لإسرائيل فإن الدروز الذين يعيشون في إسرائيل يحملون الجنسية الإسرائيلية ويدخلون الجيش الإسرائيلي. وهم يعبدون الحاكم بأمر الله، ويشركون معه ولده، وهم متأثرون بفكرة الأب والابن المسيحية.
ومن الفرق الشيعية : النصيرية، ومنها قادة سوريا حالياً. ويسمون أيضاً بالعلويين. ويقول الشهرستاني إن من مبادئهم تأليه علي، لكنهم يختلفون علي ألوهية بقية الإئمة. ويشرك بعضهم علياً في الرسالة، إذ ينسبون له أنه قال » أنا من أحمد كالضوء من الضوء » يعني لافرق بين النورين إلا أن أحدهما سابق والثاني لاحق به.
هذه نظرة سريعة علي فرق الشيعة في شرق الوطن العربي، نرجو أن نكون أوضحنا علاقتها بالصراع القائم في هذه المنطقة.