الأخبار
ايهاب الحضرى
العملة المحرمة.. والأسانيد الغائبة!
فجأة أصبحت عملة »بيت كوين»‬ محورا لفتوي دينية، جاءت أشبه بعريضة ادعاء مطوّلة، تُقدّم حيثيات إدانتها، وتستفيض في شرح جوانب اقتصادية بالغة الأهمية، بينما ظهر الدين باهتا في خلفيتها!
خرج علينا فضيلة المفتي بفتوي تؤكد عدم جواز تداول هذه العملة، لأن الشرع يمنع التعامل من خلالها بالبيع والشراء، لعدم اعتبارها وسيطا مقبولا من الجهات المختصة، وشرح طبيعة العملة التي تفتقد الوجود الفيزيائي، ولا يوجد لها اعتماد مالي لدي أي نظام اقتصادي مركزي! وأكد المفتي أنه استعان بعدد من الخبراء، وثبت له أنه لا يمكن اعتبار هذه العملة الافتراضية وسيطا يصح الاعتماد عليه في معاملات الناس وأمور معايشهم. وأعترف أن العالم الكبير أوضح جوانب مهمة بأسلوب ينافس خبراء الاقتصاد، لكن السؤال الذي طرأ علي ذهني فور قراءتي الفتوي كان: ما دخل الدين بهذه القضية؟ سيسارع البعض بتأكيد تداخل الدين مع كل مناحي الحياة، وهو أمر كنت سأؤيده لو أن الفتوي جاءت بسند شرعي واضح يؤيد هدفها، لكن الغريب أن المنطق الديني فيها لم يملك قوة التفسيرات الاقتصادية، وسيطرت عليه الأحكام العامة، من عينة القاعدة الشرعية التي تقول »‬لا ضرر ولا ضرار»، ودخل البيت كوين في عموم الحديث الشريف: »‬من غشنا فليس منا»، قبل أن يؤكد المفتي أن تداولها يمس سلطة الدولة، ويعتبر افتئاتا علي ولي الأمر، وهو شأن ممنوع ومحرم! الغريب أن من بين مبررات تحريمها كان استخدامها في تمويل الجماعات الإرهابية والإجرامية، وصفقات السلاح والمخدرات، وهو قول مردود عليه بأن الدولار واليورو وحتي الجنيه تُستخدم للأغراض ذاتها!
قبل عقود رفض الشيخ أمين الخولي الربط بين الاكتشافات العلمية الحديثة والقرآن الكريم، وبرر ذلك بمنطق واضح وحاسم، فالقرآن ثابت بينما الحقائق العلمية متغيرة، وقد أثبت آينشتين مثلا عدم دقة بعض فرضيات نيوتن التي ظلت ثوابت علمية لسنوات طويلة، والمنطق نفسه ينطبق علي الفتوي الأخيرة، فالدين ثابت بينما السياسات المالية وآلياتها متغيرة، لهذا أتساءل عما يمكن أن يحدث إذا رأت الحكومة ولو بعد سنوات أن العملة الالكترونية أصبحت محل ثقة، وأقرت تداولها. وما الموقف إذا بدأت دولة إسلامية أخري بعد أيام التعامل بها؟ هل يكون الأمر في الحالتين خروجا علي الشرع؟
الدين ثابت يا سادة فلا تدخلوا به في غابة المتغيرات الشائكة، ولا تضعوه بتفسيراتكم في مآزق لا تليق به.
أخبار الأدب
أعتبر دائما أن »‬أخبار الأدب» أحد الإنجازات المهمة لمؤسسة أخبار اليوم، وهو إنجاز تتباهي به علي مؤسسات صحفية مصرية عربية كبري، ومنذ تأسيسها علي يد الروائي الكبير الراحل جمال الغيطاني استطاعت أن تحفر لنفسها مكانا راسخا في الساحة الثقافية العربية، رغم أن مجتمعاتنا تتعامل مع الثقافة أحيانا علي أنها شر لابد منه! لهذا لم يكن غريبا أن تواجه تحديات عديدة عبر مسيرتها خلال ربع قرن. وفي العدد الأخير نجح رئيس تحريرها الصديق طارق الطاهر في إحداث نقلة نوعية بها، فقد أطلق عددا شهريا، اتسم بتنوع المضمون وجاذبيته، وقدم لقراء الأدب مُبدعة من قنا في ملحق مستقل، سيساهم كل شهر في تقليب التربة والكشف عن مبدعين كثيرين، يهددهم التجاهل في قري ونجوع مصر، كما نجح باتفاقه مع وزارة الثقافة في تقديم كتاب مجاني شهري من إصدارات المركز القومي للترجمة. إنها وجبة دسمة تستحق توجيه الشكر للجريدة، ورئيس تحريرها.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف