الأخبار
شريف رياض
«انت مش فاهم حاجة» !
في حادث كنيسة مارمينا بحلوان مشاهد كثيرة غير مسبوقة أهمها أنها المرة الأولي التي يتم فيها استهداف الإرهابي وإصابته وشل حركته قبل أن ينجح في دخول الكنيسة وتفجيرها.. هذا الاقبال الكبير من المواطنين للتعاون مع الشرطة في التصدي للإرهابي وأصوات ميكروفونات المسجد المجاور التي انطلقت تدعو الأهالي للدفاع عن الكنيسة ثم معاونتهم في نقل المصابين إلي المستشفيات.
مشاهد مهمة تستحق التأمل لكن ما استوقفني فعلا هي تلك العبارة التي قالها الإرهابي للمواطن صلاح الموجي الذي انقض عليه بعد سقوطه متأثرا باصابته في قدمه ونزع خزينة سلاحه الآلي وانهال بها علي رأسه حتي أفقده الوعي.. وحسبما روي صلاح الموجي فإنه فوجئ بالإرهابي يقول له »انت مش فاهم حاجة»‬ !
هذه العبارة هي مربط الفرس في حربنا ضد الإرهاب والتي مازالت مقصورة علي المواجهة العسكرية رغم أنه إذا أردنا فعلا اقتلاع الإرهاب من جذوره فإن الأولوية يجب أن تكون لتحليل مغزي هذه العبارة.. ماالذي يقصده الإرهابي وما هو ما لا نفهمه علي حد قوله؟ والذي جعله يفخر في التحقيقات التي أجريت معه بما فعله ويشدد علي أنه غير نادم.
هذه العبارة تكشف وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الإرهابي وأمثاله قد تعرضوا لعملية غسل مخ حولت كلاً منهم من مواطن عادي إلي إرهابي ناقم علي الدولة ومستعد أن يضحي بحياته في سبيل اسقاطها بأي وسيلة وفي مقدمتها بالطبع العمليات الإرهابية التي لا تفرق بين ضباطنا وجنودنا البواسل في الجيش والشرطة والمواطنين الأبرياء العزل في المساجد والكنائس والتجمعات المختلفة.
عملية غسل المخ هذه اعتمدت علي إثارة النزعة الدينية وتغذيتها حتي وصلت إلي حد تكفير المجتمع مستغلة صعوبة الظروف الاقتصادية التي نمر بها وارتفاع معدلات التضخم والبطالة.
أكثر من ٤ سنوات منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ونحن نتحدث فقط عن أن القضاء علي الإرهاب لا يتم عبر المواجهة العسكرية وحدها ولكن بالغوص في البيئة التي ينمو فيها الإرهاب ودراستها اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا ثم التعاون كمجتمع وأجهزة رسمية ومؤسسات دينية ومنظمات حقوقية وجمعيات أهلية في وضع الاقتراحات المناسبة لتنقية هذه البيئة مما يشوبها من ملوثات والتحرك فعليا وبسرعة لتنفيذ هذه المقترحات ومتابعتها حتي يبرأ المجتمع من الإرهاب.. هذا المرض اللعين الذي يقوض جهود التنمية ويعطل مسار الإصلاح والتقدم.
أكثر من ٤ سنوات ونحن نقول نفس الكلام دون أن نحوله إلي أفعال.. متي نتحرك ؟
لك الله يا قدس
حتي لا نضع رؤوسنا في الرمال قانون القدس الموحدة الذي أقره الكنيست الإسرائيلي أمس الأول حلقة جديدة من حلقات الإجراءات التي تستهدف ضياع القدس إلي الأبد لأنه يقوض أية جهود مستقبلية للتفاوض حول مستقبل القدس باشتراطه موافقة ثلثي أعضاء الكنيست (٨٠ من ١٢٠) قبل السماح للحكومة الإسرائيلية بالتفاوض حول انتزاع أي مساحة من القدس الموحدة كما يريدها الصهاينة.
القانون يقضي علي آخر أمل لانعاش عملية السلام. فما قيمة أي سلام بدون القدس؟.. لا أتوقع أية تحركات عربية أو إسلامية جادة في مواجهة هذا الصلف الإسرائيلي ولا يتبقي إلا أن نقول »‬لك الله ياقدس».
أحزان الصحفيين
في جنازة مهيبة ودعت الأسرة الصحفية أمس واحداً من عمالقة المهنة.. الكاتب الكبير إبراهيم نافع أبرز من تولوا رئاسة مجلس إدارة الأهرام بعد هيكل ونقيب الصحفيين الأسبق لعدة دورات حقق فيها للنقابة وللمهنة وللصحفيين مكاسب وإنجازات لا يمكن إنكارها فلا أحد ينسي موقفه وهو نقيب من القانون ٩٣ الذي كان يستهدف تحويل النقابة إلي ناد اجتماعي حتي تم اسقاطه ولا أحد ينسي أنه من أنشأ المبني العملاق الحالي لنقابة الصحفيين ولا يوجد صحفي واحد في الأهرام لا يدين له بالفضل في تطوير الأهرام والوصول به إلي أعلي مستويات التوزيع.
رحم الله إبراهيم نافع الذي مات للأسف خارج الوطن لظروف فرضتها عليه تداعيات ما حدث في يناير ٢٠١١.
وإذا كانت الأسرة الصحفية قد فقدت إبراهيم نافع فجر أول أيام العام الجديد ففي اليوم التالي مباشرة فقدت أسرة »‬أخبار اليوم» الأخ الأكبر والصديق والزميل الخلوق محمود غنيم بعد رحلة كفاح طويلة في خدمة »‬أخبار اليوم» وقرائها.. خالص العزاء لأسرته وأصدقائه وتلاميذه.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف