لحظات تعادل سنين
لحظات تتجاوز السنين
لحظات يستحيل القفز عليها، أو نسيانها.
أدعوك، وأدعو نفسي إلي تذكر تلك اللحظات، واجترارها وعدم نسيانها.
نستدعيها عندما تقابلنا الصعاب
نهرب إليها عندما نسمع أن هناك مستحيلا يصعب اجتيازه
لحظات في عمر الدول تبقي »قرونا» تتحدي الزمن، وتتحدي التقادم.
كتب لي ولعدة مئات من أبناء هذا الوطن أن يعيشوا لحظة خروج ماكينة الحفر التي تقوم بحفر نفق الإسماعيلية أحدالانفاق الأربعة التي تقوم القوات المسلحة بحفرها لربط سيناء بالوادي.. كنت هناك أتابع.. لا أريد بعيني ان ترمش، لان رمشة العين قد تحجب عني ما يجب ان أري، واستمتع لا أريد بعيني حتي ان تطفر فرحا، لحظة خروج الحفار.
الحفار لا يحفر تربة أيا كانت صخرية أو رملية ولكنه يحفر ويسحب كل الصعاب والمستحيلات، التي تعترض طريق نهوض مصر، أنه يهذب التربة، »ويفرم» ما يعيق التقدم، يفرحه، ويلقيه وراءه ثم يسحبه الي الخارج.. بعيدا عن مساره.. والأهم انه لا يترك البنيان الذي حفره يتداعي، بل يدعمه في ذات اللحظة، بجدران سابقة التجهيز، قوية، قادرة، علي حماية جسم النفق هذا هو الحال الذي يجب ان تكون عليه مصر في كل شيء.. ولا تترك أمرها للظروف.
هنا كل شيء محسوب حسابه، بالثانية..
عندما ظهرت الماكينة من الظلام، وبدأت اجزاء الجدار تتساقط استشعرت مصر، وهي تنهض وكل شيء صعب يسقط.. ولم أكن وحدي أشعر بما اشعر به.. بدليل تلك الاصوات التي كبرت وهللت وصفقت فرحا عند سقوط أكبر جدار في طريق الحفار واعقبه خروج شاب مصري من الكتيبة الهندسية التي أدارت وصنعت المعجزة.
أرجوكم لا تنسوا لحظة من هذه اللحظة، عظموها داخلكم. تذكروها في الليالي الظلماء لتكونوا علي يقين ان بعدالليل يأتي نهار.
نهارك يامصر.