الأخبار
مؤمن خليفة
الطبقة الوسطي
وقفت في المول الشهير علي الطريق الدائري أترقب حركة السيارات التي كانت تصطف علي جانبي الطريق قبل عدة شهور مضت.. كانت أعدادها الكثيرة تجبرك علي البحث لمدة طويلة عن مكان تقف فيه.. كانت أعداد زوار المول تسترعي الانتباه في الماضي حينما كانوا يتوافدون علي الحضور لشراء ما يلزمهم في بيوتهم.. وقبل عدة أيام قليلة مضت.. ذهبت إلي نفس المكان وأصبت بالدهشة فقد وجدت الرصيف خاليا إلا من ثلاث سيارات علي الأكثر.. قلت لنفسي.. ربما لسعة البرد هي السبب.. احترت في الوقوف فالرصيف كله ملك لي ولسيارتي.. المحال تبدو خاوية من زبائنها.. لا أحد يشتري فالمعروضات غالية الثمن وأسعارها تفوق الخيال.. معادلة غريبة فعلا.. لا زبون يأتي ليشتري ورغم ذلك ترتفع الأسعار.. تقريبا نحن البلد الوحيد بين جيراننا الذي لا تعود فيه السلعة إلي سابق قيمتها مهما توافرت في الأسواق.
الطبقة الوسطي هي رمانة الميزان للحركة التجارية وكلما تراجعت هذه الطبقة تراجعت حركة البيع والشراء.. أسأل نفسي.. أليس السوق »عرض وطلب»‬.. الإجابة حاضرة في ذهني.. نعم وإلا هل هناك تفسير آخر لتساؤلي؟.. الثابت أن الطبقة الوسطي تعرضت للانهيار وفقدت جزءا كبيرا من قدرتها الشرائية بعد سنوات يناير 2011 وفقدت معها قدرتها علي البقاء.. تقريبا نفس الظروف التي كانت عليها مصر بعد هزيمة يونيو 1967 عندما ظهرت الأغنية الشهيرة »‬السح الدح امبو» وسلامتها أم حسن وبزغ نجم عدوية وكتكوت الأمير وانتشرت أفلام المقاولات في السينما المصرية التي كانت تفخر بنجوم الزمن الجميل وانتشرت أيضا صحافة السبوبة والصفراء وغيرها من صحافة التشهير وتراجع سميعة الست أم كلثوم والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ والجميل فريد الأطرش.. كانت النكسة فوق الاحتمال غيرت وجه الحياة في الوطن وامتد تأثيرها حتي الآن.. تقريبا نفس الأيام بعد 2011 حينما تعرض الوطن لمؤامرة كبيرة مازلنا نعاني منها.. أغانٍ هابطة من عينة »‬امسك ايدي» وأفلام ما أنزل الله بها من سلطان تشير إلي تدني صناعة السينما حتي بات ظهور فيلم جيد يقلب المقاييس أو غنوة تحترم الأذن يتردد صداها بين الناس.. هذه ليست مصر التي نعرفها ونتمناها !
دعونا نبحث عن أغنية وطنية تلهمنا في أيام تشتد فيها علامات التحدي فلا نجد وهكذا ينسحب الوضع علي الجميع.. كل هذا بسبب تراجع الطبقة الوسطي التي كانت تغذي كل هذه المجالات.. كان أفراد هذه الطبقة هم وقود الوطن في كل شيء وعندما يصاب هؤلاء بخيبة الأمل ويتعرضون لمواجهة غول الأسعار فإن الأسواق تتأثر بهم.. هذا ما رأيته وأنا أقف علي رصيف المول الشهير أتفحص الوجوه.. معظم من أراهم جاءوا للفرجة فقط فلم يعد في مقدورهم مجابهة كم السلع الكثيرة التي تفوق قدرتهم.. وفي نفس الوقت هؤلاء التجار لا يتراجعون وعندهم بقاء السلعة علي الرفوف أهم كثيرا من بيعها بسعر لا يحقق جشعهم والغاوي فقط من يقدم علي الشراء لحاجته لها.
يرتفع الدولار أو ينخفض فلا يؤثر علي الأسعار.. هل من المعقول أن تزيد الأسعار بهذا الجنون.. فقد استغني الكثيرون عن معظم متطلباتهم إلا ما يحتاجون إليه فعلا.. أعيدوا الاعتبار للطبقة التي باتت ضعيفة وتعيش علي الهامش وهذا يحتاج إلي معجزة الآن.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف