الأهرام
علاء ثابت
الشعب هو الضمانة الحقيقية
يقينا لا يوجد مصري واحد يرفض توفير أقصي الضمانات الممكنة لتخرج الانتخابات الرئاسية بشكل تفخر به الدولة المصرية. ويقينا لا يوجد مصري واحد يقبل أن تكون الانتخابات المقبلة أقل نزاهة من الانتخابات التي أجريت عقب ثورة 30 يونيو. ولكن المشكلة أن من ينوون الترشح للانتخابات الرئاسية يحاولون - وهم يطالبون بضمانات كافية لنزاهة الانتخابات ويسوقونها باعتبارها شروطا لخوضهم الانتخابات - تصوير الأمر وكأن تلك الضمانات غير موجودة، ولم يتم الالتزام بها في انتخابات رئاسية وبرلمانية عجزوا هم أنفسهم عن التشكيك في نزاهتها وشفافيتها.

حديث المرشحين المحتملين عن ضمانات الانتخابات تحول إلي شروط يضعونها لدخول السباق الانتخابي. واضح أن بعض المرشحين المحتملين يسعون لأخذ الدولة المصرية رهينة للعملية الانتخابية متصورين أنه يمكن إرهاب الدولة وإحراجها باسم تلك الانتخابات. يحاولون استغلال الانتخابات لأهداف سياسية أخري عنوانها العريض النيل من النظام الذي أفرزته ثورة 30 يونيو، وتبرير ما يمكن أن يلحق بهم من هزيمة إذا دخلوا الانتخابات. فتفكير هؤلاء في الفوز بالانتخابات يأتي تاليا لفكرة الطعن في الدولة وفيما تقوم به، وهي بداية لا تشي بجدية هؤلاء ولا بثقتهم في التأييد الشعبي الذي لا يملون من الحديث عنه.

ومما لا شك فيه، فإن المرشحين المحتملين يدركون جيدا أهمية موسم الانتخابات للتسويق لأفكارهم ووجهات نظرهم ومحاولة إقناع المواطنين بها. ومن أجل تلك المهمة فإن أحد هؤلاء المرشحين يتحالف اليوم مع كل الأطياف المعارضة بما في ذلك فلول الجماعة الإرهابية أملا في الحصول علي أصواتهم في الانتخابات مقابل فتح المجال أمامهم وأمام أفكارهم لتطل مرة أخري علي المصريين. بل إن ذلك المرشح يهاجم الدولة لأنها مددت حالة الطوارئ مدعيا أن قانون الإرهاب يكفي لمواجهة الإرهاب الذي يستهدف مصر. وهكذا يضع المرشح المحتمل إلغاء حالة الطوارئ شرطا لخوضه الانتخابات غير عابئ بالضرورات التي فرضت الإبقاء علي تلك الحالة. كما اشترط المرشح المحتمل ضرورة التأكيد علي وجود إشراف قضائي علي العملية الانتخابية متناسيا أن الإشراف القضائي الكامل معمول به منذ أكثر من عقد من الزمن، وأن الدستور أناط بالهيئة الوطنية للانتخابات مهمة إجراء الانتخابات كاملة دونما تدخل من أي جهة أخري، وهي الهيئة التي يرأسها المستشار لاشين إبراهيم محمد نائب رئيس محكمة النقض ومعه تسعة مستشارين آخرين يمثلون الهيئات القضائية.

المطالبة بضمانات موجودة ومعمول بها لم يتوقف عن ذلك الحد، إذ طالب المرشح المحتمل بالرقابة الدولية علي الانتخابات رغم أن الانتخابات الماضية شهدت متابعة وتقارير أداء من عديد من المنظمات الدولية والعربية، وربما يكون الجديد أو الخبيث إن شئت الدقة هو تحديد تعريف المرشح للرقابة الدولية في رقابة من الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي لا يمكن تسميته إلا محاولة لتدويل الانتخابات وكأن مصر باتت من وجهة نظره دولة محتلة! إضافة إلي ذلك طالب المرشح المحتمل بضرورة إجراء عملية الفرز داخل اللجان الانتخابية بحضور مندوبي المرشحين وتوقيعهم علي محضر الفرز واستلام صورة منه، ورغم أن ذلك قائم بالفعل فإنه برر طلبه بادعاء أن »السلطة تحاول تغيير هذا الأمر«!! تبقي الإشارة إلي أن النقطة الوحيدة التي يمكن الاتفاق فيها مع المرشح المحتمل هي قصر فترة الدعاية للانتخابات الرئاسية وإن كانت ليست بالقصر الذي ادعاه.

وبالعودة إلي أصل الموضوع هل توجد ضمانات حقيقية وكافية لنزاهة الانتخابات المقبلة؟ الإجابة بكل تأكيد نعم. فحين لا يكون هناك مصلحة أو حتي شبهة مصلحة لأحد في أن تكون الانتخابات غير نزيهة فلابد أنها ستخرج نزيهة. ذلك أن الطامحين لاقتناص السلطة يعنيهم بالطبع أن تكون الانتخابات نزيهة سعيا للحصول علي نتائج أفضل، والنظام القائم من مصلحته أيضا وربما أكبر من المعارضة أن تخرج الانتخابات نزيهة وشفافة تضاف إلي سجله السياسي وتدعم شرعيته القائمة في الشارع. ومع ذلك تبقي الضمانة الحقيقية لنزاهة الانتخابات هي الشعب نفسه. فلا القانون ولا الإشراف القضائي ولا الرقابة الدولية تضمن نزاهة الانتخابات تماما وإن ضمنوا شفافيتها. فقط مشاركة الشعب في الانتخابات وإصراره علي حماية إرادته هي الكفيلة بضمان نزاهة الانتخابات. والمدهش أو الغريب أن المرشحين المحتملين لم يقدروا تلك الضمانة حق قدرها وهم يضعون شروطهم لخوض الانتخابات، بينما الدولة كما عبر الرئيس عبد الفتاح السيسي هي من تعول علي الشعب ليس فقط لحماية إرادته في صندوق الانتخابات بل لحماية مصر داخليا وخارجيا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف