محمود مراد
إبراهيم نافع.. فارس لعبت به الأقدار!
هو بالفعل كذلك.. فارس لعبت به الأقدار بعد أن لعب بها كثيرا وهو ـ للحق ـ كان صحفيا نشيطا. وإذا كانت من أهم صفات الصحفي! أن تكون له مصادر وعلاقات متعددة فإنه فى هذا المضمار قد نجح وإلى حد الامتياز فى مد الجسور وعقد الصلات الشخصية والإنسانية بينه وبين عدد كبير من هؤلاء خصوصا الذين يتولون المواقع المهمة والمناصب الحساسة فى الدولة وإلى مستوى الرئاسة نفسها.كان لقائى الأول بإبراهيم نافع سنة 1959 ـ أو سنة 1960 ـ ووقتها كنت حديث العهد بالعمل فى «الأهرام» ـ وكنت لا أزال طالبا فى الجامعة ـ ولما كانت مصلحة ـ الآن هيئة ـ الاستعلامات من بين الجهات التى أتردد عليها وأتصل بها للحصول على أخبار ـ إلى جانب تغطية لأنشطة أخرى منها الفن ـ ولما كان رئيس المصلحة وقتها الراحل ـ سعد عفره ـ السفير فيما بعد ـ فقد ابلغنى أن شخصية أجنبية مهمة تستضيفها مصر ـ وسيعقد مؤتمرا صحفيا فى نادى المراسلين الأجانب بشارع قصر النيل. وهكذا ذهبت ولكن متأخرا بضع دقائق فشاركت فى المؤتمر ولما انتهى أردت أن أعرف ماذا قال قبل وصولي. وتلفت حولى لأجد مندوب إدارة الأخبار فى الإذاعة ومعه جهاز التسجيل الذى سجل به المؤتمر وببساطة قلت له إننى أريد سماع الشريط من أوله.. ومددت يدى أضغط على الأزرار وأسمع ثم شكرته لكنى وجدته ينظر لى بمزيج من الدهشة والغضب غير أنى شكرته وتعارفنا. وكان إبراهيم نافع . ثم انصرفنا.
وفى تلك الفترة برز محررون اقتصاديون كان منهم سعيد سنبل فى الأخبار ـ وصار فيما بعد رئيسا لمجلس إدارة المؤسسة ـ وكذلك إبراهيم نافع بينما كان فى «الأهرام» محررون اقتصاديون أكفاء لكن الأسلوب التقليدى ساد أداءهم.. مما أعطى الفرصة للبحث عن دماء جديد.. فوقع الاختيار على إبراهيم نافع.. وجاء سنة 1963 بعد أن ترك ـ عملا بتقاليد الأهرام ـ أى عمل آخر سواء فى الإذاعة أو وكالة الأنباء فالأهرام كان يحب التفرغ له.
وفى «الأهرام» أتيحت الفرصة لإبراهيم لتحقيق طموحاته، وارتفع مرتبه، وكان يقيم فى شقة بعمارة اللواء بشارع شريف فى مواجهة، مبنى «الأهرام» القديم بشارع مظلوم على ناصية شريف، وقرر إبراهيم أن يستأجر شقة أضخم بشارع النيل ـ جمال عبد الناصر الآن ـ فى العجوزة تطل على النيل لكنه بعد أن أقام بها شهرين أو ثلاثة عاد إلى مسكنه الأول ـ وحسنا إنه لم يكن قد تركه ـ والسبب أن إيجار شقة النيل كانت ستة وعشرين جنيها ونصف الجنيه يصل إلى ثلاثين جنيها بضم أجرة البواب والسلم!. وكان هذه مبلغا كبيرا فى الستينات.. لكنه بعد قليل اشترى بمساعدة الأهرام سيارة نصر 1300 بنحو تسعمائة جنيه.. وكان سعيدا ونحن نستقلها لتدشينها بسهرة جميلة.
وفى تلك الأثناء عاد إبراهيم نافع بعد انتهاء عمله فى البنك الدولي.. وخصص له محمد حسنين هيكل غرفة مستقلة بالدور الرابع الذى به صالة التحرير الفخمة ومكاتب التحرير المتخصصة.. ثم ـ ولصغر مساحتها ـ خصص له هيكل غرفة أكبر فى نفس الطابق، كما خصص له وللقسم الاقتصادى الذى يرأسه مساحة كافية يوميا فى «الأهرام».. وكان إبراهيم بعد عودته قد برز فى أدائه الصحفى من خلال علاقاته ومصادرة.. مما جعل محمد حسنين هيكل يعطيه علاوة قدرها مائة جنيه فى الوقت الذى لم تكن فيه العلاوة بالنسبة لنا تزيد على خمسين جنيها فى أحسن الأحوال.!. وأعود إلى علاقتى مع إبراهيم نافع فأقول إنها كانت طيبة غير أن لقاءاتنا خاصة خارج الجريدة كانت محدودة.. كذلك فإن مجموعة الأصدقاء والزملاء وكالأسرة الواحدة.