سامية أبو النصر
كلمتين وبس وداعا عميد الصحفيين
كنا شبابا صغارا نحلم ونحن نسير بجوار الأهرام هذه المؤسسة العريقة .. كنا نحلم بأن نقابل كبار الكتاب ونتصور معهم وننهل من علمهم وثقافتهم.. كنا نقرأ للكاتب الكبير نجيب محفوظ وكذلك كتابنا الراحل أنيس منصور الذى كان يتميز بمقالاته الأسبوعية يوم الجمعه والتى كانت تتحدث عن العلاقات الاسرية بين الرجل والمرأة أما بريد الأهرام فكان عشقى الذى كان يكتبه العملاق الأديب الكبير عبد الوهاب مطاوع الذى ظل يأتى للأهرام حتى وافته المنيه تعلمنا منه احترام الكلمة وكيفية إحترام القارىء والبعد عن الشائعات وأن ندقق المعلومة من أكثر من مصدر وتعلمنا منه كيف نصيغ أفكارنا ثم نحررها فى شكل موضوعات صحفية جاذبة للقراء...وكنت أعمل معه فى مجلة الشباب(مدرسة الصحفيين المبدعيين).
لن انسى يوم أن أتى بى الأستاذ الكبير عبد الوهاب مطاوع وطلب منى أن أترك مجلة الشباب التى كان يرأس تحريرها وقتها وأنتقل الى جريدة الأهرام اليومية لأن فرصة التعيين فى المجلة تكاد تكون معدومة وقتها شعرت أن الأستاذ كان يريد توزيعى بعيدا عنه ولكننى بعد ذلك فوجئت بأنه يكتب بخط يده طلب لتعيينى فى الأهرام ويوقع عليه الأستاذ إبراهيم نافع دون أن يعرفنى ودون أن يكون لى وسطة ووقع على طلب تعيينى لمجرد معرفته أننى موهوبة وأعمل مع الأستاذ لعدة سنوات فى مجلة الشباب فاعتبر أن شهادة الأستاذ كفيلة بتعيينى فورا.
كانت لحظه فارقة في حياتي، فبعد حياه مليئه بالكفاح واليأس في تحقيق حلم حياتي يتم تعييني. دون وساطة ويتبدد اليأس من التعيين الى واقع معاش وأحمل لقب صحفية فى الأهرام أكبر جريدة فى مصر ووالعالم العربى ورائدة الصحافة كان مدعى لفخرى واعتزازى أن أتواجد وسط عمالقة الكتاب أن أكون بينهم أن أتعلم منهم الأستاذ زكريا نيل .. والشاعر الكاتب الكبير فاروة جويدة والاستاذ صلاح منتصر أمد الله فى عمرهما والراحلون الكتاب سلامة احمد سلامة صلاح الدين حافظ وأحمد نافع وأشعر بتغير حياتي وتتحول تحولا جذريا. وان أكون شخصية ذات كينونة فى المجتمع يفتخر بي أقاربى .و تتباهي بي أمي . وأن أساعد الناس في حل مشاكلهم وأقف مع الضعفاء لنصرتهم .
فكان من أسعد أيام عمرى يوم وافق الأستاذ ابراهيم نافع على تعيينى ... كنا عندما نراه تشعر بهيبة بأنك تكلم كبيرك ... كان له هيبه ... لم يكن يرد أى مطلب إنسانى لأى زميل حتى لو كان من حسابه الخاص..
فيحكى لى أحد الزملاء أنه كان له ابنه مريضة بمرض نادر ولم يكن لها علاج فى مصر وطلب منه أن تتحمل الأهرام نفقات علاجها فإذ به فورا يطلب بسفرها للخارج (فرنسا) على أن يقوم بكل تكاليف العلاج..
كان إنسان الى أقصى درجة ... كان كاتب مقاله بهدوء .... فكان اسم على مسمى حيث أننا وجدناه بهدوء يشيد المبنى الحديث للأهرام ... بهدوء يحل مشكلة أى صحفى مع أى مسئول .. بهدوء قاد الصحفيين على اختلاف توجهاتهم وقيادته للجمعية العمومية فى اجتماعها المستمر على مدى (13شهرا) وإقناعه الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بإلغاء القانون رقم (93) لسنة 1995 والمعروف بقانون اغتيال الصحافة في واقعة لن ينساها تاريخ نقابة الصحفيين. رحل صاحب أكبر إنجازات فى تاريخ نقابة الصحفيين ...رحل صاحب القلم الجرىء .....وهاهو بهدوء يرحل ... رحمك الله استاذى العزيز... وشكرا لما قدمته لمصر وللصحفيين سيادة عميد الصحفيين هذا اللقب الذى تستحقه عن جدارة ... كان من مواليد 11 يناير وكان دائما ما يعقد حفلة للعاملين فى الاهرام ويقدم لهم الهدايا ورحلات الحج والعمرة ... هاأنت ترحل فى نفس شهر مولدك ..