السيد العزاوى
الصدق والصبر الطريق لنجاة أهل الإيمان
من أهم صفات أهل الإيمان الصدق والصبر لأنهما طريق النجاة لهؤلاء الرجال الذين صدقوا الله ورسوله واستقر نور اليقين في قلوبهم وامتلك وجدانهم.. لقد كان سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم نموذجاً لسائر البشر في الصدق والصبر علي كل ابتلاء أو أي عارض يعكر الصفو فقد اشتهر سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بأنه الصادق الأمين وقد عرف بين أهل أم القري بالصادق وكان مثار الاعتزاز والتقدير بين كل المتعاملين معه. فهو صلي الله عليه وسلم كان الصدق والصبر متلازمين له وشهد بذلك الأعداء قبل الأصدقاء. وقد جاءت آيات القرآن الكريم تؤكد تلك الحقائق "من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً. ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً" 23. 24 سورة الأحزاب. وفي سورة البقرة يقول الحق سبحانه وتعالي "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا علي الخاشعين. الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون" 45. 46 البقرة.
علي جانب آخر لقد ضرب أصحاب سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أروع الأمثلة في هذا المجال آثروا الله ورسوله علي أنفسهم وامتثلوا بقول رب العالمين فها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين جاء سيدنا محمد بدعوته كان أول من صدق بدعوة الرسول لدين الله ولازم الرسول صلي الله عليه وسلم وحين أذن الله لرسوله بالهجرة من مكة إلي المدينة المنورة كان أبو بكر يريد أن يكون مع المهاجرين الأوائل لكن رسول الله طلب منه الانتظار قائلاً له: لعل الله يبدلك برفيق في الهجرة فظل أبو بكر ينتظر اللحظة التي يأذن له بالهجرة وفي نفس الوقت أعد بيته وأهله ليكونوا جاهزين حين يأتيه الإذن والأمر من سيد الخلق صلي الله عليه وسلم صدقاً ووفاء للرسول ودعوة الحق وعرف بأنه الصديق.
من الحقائق التي سجلتها السيرة النبوية أن الرسول صلي الله عليه وسلم حين أخبره بالهجرة كان علي أهبة الاستعداد.. وكان الصاحب للرسول حين الهجرة فقد كان رفيقاً للرسول صلي الله عليه وسلم كما أنه جند بيته وأهله في خدمة هذا الحدث.. وقد تم اختيار عبدالله بن أريقط ليكون دليلاً للرسول وصديقه أبي بكر رضي الله عنه رغم أنه يهودي.. وكانت أسرة أبي بكر علي علم بتحركات الرسول وأبي بكر فحين استقر الرسول وصاحبه أبو بكر في الغار كانت أسماء بنت أبي بكر تراقب الطريق وتنقل الأخبار للرسول وأبي بكر أولاً بأول مع أخذ كل وسائل الاحتياط فكانت تزيل آثار أقدامها في رحلتها للغار لأن كفار مكة كانوا خبراء في تتبع آثار أي شخص يسير في أي طريق وقصاصو الآثار كانوا معروفين في هذا الوقت وقد سجل القرآن هذا الموقف في آيات بسورة التوبة: "إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم" 40 التوبة فقد كان أبو بكر يحدث رسول الله صلي الله عليه وسلم وقلبه يرتجف من الخوف لأن أي إنسان سيأتي إلي مكان الغار سيدرك أن الرسول وصاحبه بداخل هذا الغار لكن الرسول طمأنه كما جاء في الآية التي ذكرتها وقد كانت كلمات أبي بكر رضي الله عنه تفيض بالحب والصدق فقد قال أبو بكر يا رسول الله إن أي إنسان لو نظر تحت قدميه لرآنا لكن الرسول طمأنه.. قائلاً: إن الله معنا فاطمأن خاطر الصديق.
وإذا انتقلنا إلي الصبر التي هي من صفات أهل الإيمان الصادقين فقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم في مقدمة الصابرين امتثالاً لأمر الله وقد كان موقف سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم غزوة أحد يعبر عن هذا الصبر.