الأخبار
د . حسن عماد مكاوي
تحياتي - صلاح عيسي .. فقيه الصحافة المشاغب الجميل !
رحل صلاح عيسي الكاتب الصحفي الكبير، أحد رموز الصحافة المصرية عن عمر ناهز ٧٨عامآ بعد رحلة عطاء زاخرة من الفكر والإبداع والاستماتة في الدفاع عن حرية الصحافة والصحفيين.
الفقيد من مواليد أكتوبر ١٩٣٩ بإحدي قري مركز ميت غمر بالدقهلية. عمل سنوات في مجال الخدمة الاجتماعية قبل أن يلتحق بجريدة الجمهورية في أوائل سبعينيات القرن الماضي، وشارك في تأسيس وإدارة عدد من الصحف المصرية مثل: الكتاب- الثقافة الوطنية- الأهالي ـــ اليسارـــ القاهرة. له ٢٣ مؤلفآ لعل من أهمها : الثورة العرابية ـــ رجال ريا وسكينة ـــ تباريح جريح ــ حكايات من دفتر الوطن ـــ مثقفون وعسكر ـــ دستور في صندوق القمامة. عاش معظم حياته ناقدآ ومعارضآ وطنيآ، وكان يمزج في كتاباته بين السياسة والتاريخ ويستخلص منها العبر والدروس المستفادة، وكان ينتصر دائماً لحرية الرأي والتعبير واستقلال الصحافة عن كافة السلطات. شغل عضوية مجلس نقابة الصحفيين لعدة دورات ووكيلآ للنقابة خلال تسعينيات القرن الماضي، وكان نقابيآ بارعآ ومدافعآ عن الحقوق والحريات٠ عرفت الأستاذ صلاح عيسي عن قرب من خلال العمل المشترك بالمجلس الأعلي للصحافة، ونهلت من خبراته مهنيآ وإنسانيآ، وأشهد أنه كان مثالآ للالتزام الأخلاقي والفكر الموسوعي في شئون الصحافة المصرية، وخاصة تشريعات الصحافة منذ نشأتها وحتي الآن٠ كان راصدآ أمينآ لما واجهته حرية الصحافة من مد لفترات قصيرة وجذر في معظم الفترات وعلاقة ذلك بالظروف السياسية والاجتماعية التي تعوق حرية الرأي والتعبير، وكان مدافعآ صلدآ عن أصول المهنة بغض النظر عن انتماءات الممارسين لها، وكان عنيدآ في التمسك بوجهة النظر التي يتبناها، ومع ذلك كان ينصت باهتمام للرأي الآخر ويحترم حق الاختلاف٠ كان واقعيآ في ادراك بيئة العمل ويسعي للحصول علي الممكن من توسيع حقوق الصحفيين في إطار المناخ السائد٠ تشاركنا سويآ في إعداد مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام برفقة مجموعة من أبرز الخبراء الصحفيين والإعلاميين والقانونيين والأكاديميين في إطار لجنة الخمسين برئاسة الكاتب الصحفي القدير جلال عارف رئيس المجلس الأعلي للصحافة٠ خلال الاجتماعات الأولي للجنة وقع خلاف فيما بيننا بشأن إعداد مشروع واحد شامل لتنظيم الصحافة والإعلام أم ثلاثة مشروعات منفصلة للمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وكنت أنتمي للرأي الذي يتبني إعداد ثلاثة قوانين علي خلاف رأي صلاح عيسي وجلال عارف وآخرين يرون إعداد قانون واحد شامل لكل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والالكترونية، ورجحت وجهة النظر التي كنت أتبناها، وتم تقسيم لجنة الخمسين إلي خمس مجموعات فرعية تختص الأولي بقانون المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام، والثانية بقانون الهيئة الوطنية للصحافة، والثالثة بقانون الهيئة الوطنية للإعلام، والرابعة قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر، والخامسة للحوار المجتمعي٠ بعد عدة شهور من العمل المتواصل تبين وجود تداخل وتكرار في بعض النصوص مما أدي إلي انتخاب لجنة مصغرة لممثلي كل المجموعات وتبين صحة الرأي الذي كان يتبناه صلاح عيسي من حتمية صياغة قانون موحد لتنظيم الصحافة والإعلام، وهوالقانون الذي لم يخرج إلي النور بعد لأسباب غامضة٠ ليست صدفة أن يكون عنوان المقال الأخير لصلاح عيسي قبل رحيله :" أين اختفت قوانين حرية الصحافة والإعلام؟"٠يعبر هذا العنوان بدقة عن حالة التخبط واختلال التوازن التي تعانيها المهنة الآن٠ كان يتم وصف الصحافة دائمآ بأنها " صاحبة الجلالة" إلي أن تدهورت أوضاعها بفعل فاعل وباتت " صاحبة المهانة"٠
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف