لويس جرجس
صور من بلدي - مصري يدرس ثورة 19 في تل أبيب !
قالت الدكتورة هبة مصطفي مساعد مدير مركز ابن خلدون. إن الدكتور سعد الدين إبراهيم مدير المركز. سيلقي محاضرة بعنوان "دروس من قرن الاضطرابات في مصر". وذلك بمناسبة مرور 100 عام علي ثورة الشعب المصري ضد الاحتلال الإنجليزي في سنة 1919. والتي تحولت الي ثورة اجتماعية سياسية.
إلي هنا والخبر عادي. حيث إن مرور قرن علي ثورة 19 هو حدث تاريخي وطني يجب الاحتفاء به علي كل الأصعدة الثقافية والسياسية والشبابية المصرية. أما ما هو غير عادي ـ والمؤسف في ذات الوقت ـ هو أن إحياء هذه المناسبة القومية المصرية تتولاها من الآن ـ وقبل حلول الذكري بعام كامل ـ جامعة تل أبيب الصهيونية. وأن الأستاذ الاكاديمي المصري سعد الدين إبراهيم يشارك في احياء هذه المناسبة الوطنية المصرية. ليس في القاهرة وجامعتها. الأعرق في المنطقة. أو في أي جامعة مصرية أخري أو حتي في أي محافظة مصرية ولو نائية. ولا برعاية أي من مراكز البحوث المصرية المنتشرة في طول البلاد عرضها. ولكن من داخل هذا الكيان الصهيوني الغاصب لحقوق الغير. الذي يعلن ليل نهار ـ دون أن تخدعنا الألاعيب الدبلوماسية المعتادة ـ عداءه لمصر والمصريين. ولا يخفي أطماعه في كامل الأرض العربية من النيل إلي الفرات.
هذا الخبر غير العادي يثير لدينا ملاحظتين مهمتين: الأولي. هو أنه رغم وجود معاهدة سلام بين الحكومات. فان التطبيع الشعبي وخصوصًا تطبيع المثقفين مع هذا العدو الذي لا يحترم معاهدات ولا قوانين دولية. ولا حقوق انسان. هذا التطبيع ـ وفي هذا التوقيت الذي يعلن فيه. برعاية أمريكية غير مستغربة. ضم القدس كاملة إلي كيانه الغاصب. ويعتقل ويقتل حتي الأطفال الفلسطينيين المحتجين علي تلك الجريمة ـ هو جريمة في حق الأمة التي تجاهد للخلاص من الارهاب الأسود الذي تصدره الينا إسرائيل وراعيتها الوحيدة. أمريكا مغلفًا بغلاف ديني قادر علي استقطاب أفراد من المجتمع يعتنقون ما يصدر اليهم من فكر ديني منحرف ومتطرف. هذا الغلاف هو نتاج أبحاث ودراسات نفسية واجتماعية علي شعوبنا أجرتها مراكز بحثية مثل ذلك الذي يلقي أمامه "الاكاديمي المصري" الضوء علي "دروس قرن من الاضطرابات في مصر". لكي يعرفوا كيفية التعامل معنا والتأثير في شبابنا في الاتجاه الذي يريدونه.
الثانية: إن كنا ندين أن يلتفت العدو إلي مناسبة مثل ثورة 1919 المصرية. فان اللوم يجب أن يوجه إلي مثقفينا ـ وأولهم الأكاديمي المذكورـ وإلي جامعاتنا ومراكزنا البحثية. وإلي الجمعية المصرية للدراسات التاريخية. لتقصيرهم في اجراء الدراسات الخاصة بمناسباتنا الوطنية والتاريخية. واحياء ذكراها لدي الشباب واستخلاص العبر منها. وها هي مئوية ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر تهل علينا بعد أيام. ومراكزنا البحثية لا حس ولا خبر. وكأنها ذكري سياسي عادي من أي دولة أخري. اتفقنا أو اختلفنا. كلية أو جزئيًا مع عبد الناصر. فهو في النهاية زعيم أثر تأثيرًا كبيرًا في التاريخ المصري المعاصر. وعلينا دراسة نقاط الخلاف والاتفاق مع سياساته ومع اسلوبه في الحكم. ونستخلص منها الدروس التي تفيدنا في تحركاتنا الداخلية والخارجية في عالم يموج بمتناقضات تحتاج إلي فهم واع لما يدور حولنا. والتحرك بوعي بناء علي ايجابيات وسلبيات التجارب السابقة في العصر الحديث. وخاصة عهود محمد علي. وأحمد عرابي. وسعد زغلول. وعبد الناصر. والسادات. ومبارك. وصولا إلي ثورة يناير ــ يونيو وتداعياتها المستمرة حتي اللحظة.