د . سعيد اللاوندى
المشهد العربى.. تغييب الوجه المصرى لمصلحة من؟!
أكاد أزعم أن هناك مؤامرة عربية على مصر، فكل شىء يمت بصلة لمصر أرضاً وسماء وبشراً وحجراً يتعمد أهل العروبة تجاهله، وليس قصار الأمر أنه يتم بمحض الصدفة وإنما مع سبق الإصرار والترصد، فالشاعر أحمد الشهاوى اعترف بذلك مؤخراً عندما حضر بطريق المصادفة مهرجان المسرح العربى فى تونس، فوجد كل الدول العربية ممثلة فيه إلا مصر، وكأن هذا البلد لم يعرف مسرحاً طوال تاريخه ولم ينجب عميد المسرح العربى (يوسف وهبى)، ولم تلعب مسارحه أدوار شكسبير وهاملت ولم يعرف جورج أبيض أو نعمان عاشور أو سعد الدين وهبة، وتساءل الشهاوى لماذا تعمد الإخوة فى تونس تغييب مصر وتجاهل الحركة المسرحية فيها؟ وفى الأردن تجاهلُ آخر للغناء والطرب المصرى، مع أننا نعلم تاريخياً أن مصر هى هوليود العرب، والمطرب الذى يعمل فى مصر يجد نفسه على طريق النجومية، ولستُ فى حاجة إلى ذكر الفنانة التونسية لطيفة والسورية أصالة والمغربية سميرة سعيد واللبنانى راغب علامة ورعيل كبير من اللبنانيات اللائى يضئن القاهرة ويحترمن الجمهور المصرى، الغريب أننى ذهبتٌ إلى باريس ذات يوم وحضرت إحدى الأمسيات الثقافية فاكتشفت أن مصر غائبة وكأنها ليست دولة عربية، وأن عدد سكانها يزيد على 100 مليون نسمة، وأن بها مراكز أبحاث عالمية تحتل مكانة متميزة فى تصنيف العالم، وآلمنى أن دولاً كثيرة تعترف بذلك أما تجاهل الدول العربية فهو أمر متعمد، الخطورة أن هذا التجاهل سيصبح أمراً بديهياً بعد عدة سنوات لنجد مصر فى ذيل القائمة!
وإذا كنت فى شك عزيزى القارئ مما أقول فلنبحث معاً عن أى وجه مصرى على الشاشات التابعة لدول مثل روسيا وفرنسا وأمريكا وألمانيا والخليج.. ولا يقولن أحد إن اللغة فى هذه الحالة تقف عائقاً، لأن الجاليات المصرية فى هذه الدول قديمة وكثيرة.. ورغم أن لبنان لا يزيد عدد سكانه على أربعة ملايين فإن أبناءه يملأون الشاشات الخليجية والأوروبية ولا وجود للمصريين أو المصريات، مع أن مدرسة الإعلام المصرى يعرفها الجميع وتكاد تجوب بى إعلاماً عربياً آخر لكن ما الحيلة.. وأن أهل مصر غائبون بفعل فاعل عن الشاشات، لنجد أن المغاربة واللبنانيين قد أخذوا مكانهم فى الإعلام، وكأن مصر لم تنجب يوماً فى الأدب طه حسين أو العقاد أو المذيعة سلوى حجازى.
مرة أخرى لماذا الإصرار على تغييب الوجه المصرى وتجاهل نبوغه فى حقل الأدب والمسرح والغناء والإعلام! ليس من شك فى أن هذا الأمر ليس ادعاء، فتجاهل الدور المصرى هو سياسة عربية بامتياز، وأحذر منذ الآن من خطورة هذا الأمر، لأن إسقاط مصر المتعمد بهذه الطريقة سوف يكون له نتائج وخيمة على المنطقة العربية برمتها. قصارى القول إن سياسة تغييب مصر هى أمرُ مفضوح والتعتيم على ذائقة الشعب المصرى فى الغناء والطرب والمسرح والرواية يجعل العرب يخسرون الكثير على المدى الطويل.