المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
نرحب بالمصانع الجديدة.. ولكن ماذا عن القديمة؟
وسط زخم «صناعى، صحى، رياضى» غير تقليدى، تابعت من داخل الخيمة الرئاسية صورة حقيقية لمصر الحديثة، التى وضعت بالفعل أقدامها نحو انطلاقة صادقة.. حقيقية وليست «كلامية» لسبب خاص عندى، وهو الاهتمام بصناعات الغزل والنسيج بكل فروعها، لأننى أرى هذه الصناعة تحل مشاكل عديدة، أولاها فرص العمل التى توفرها هذه الصناعة من ناحية.. وثانيتها: تعيد اهتمام الدولة بالقطن المصرى، الذى أهملناه.. ثالثتها: أننا «نعود» لكى نلبس مما نصنع.. ورابعتها: لأنها تنشئ مدناً صناعية متكاملة: حلج، وغزل، ونسيج وصباغة وتجهيز.. ثم تقدم لنا الملابس جاهزة.. وهذه الأهداف الأربعة لا تتوافر فى أى صناعة أخرى.. حتى ولو كانت.. الحديد والصلب!!

فيذها من مارس المقبل، تساهم فيها الاستثمارات الأجنبية بنسبة 87٪ لتعطينا إنتاجاً قيمته 9 مليارات دولار.. هنا قال الرئيس السيسى إن مصر مستعدة للمساهمة بنسبة 50٪ من هذه التكاليف.. بشرط أن يتم الانتهاء من بناء هذه المصانع فى نصف المدة المقررة، أى ما بين 3 و4 سنوات فقط.. وهذه هى استراتيجية وفكر الرئيس السيسى، لأنه يسابق الزمن.. فالشعب كله فى انتظار هذه المشروعات كثيفة العمالة، وفلسفة الرئيس - هنا - أنه يعمل حساب الزيادة السكانية، إذ إن عدد سكان مصر سيزيد كام مليون إنسان، فى هذه السنوات السبع.. لذلك يريد دائماً اختصار الزمن بل هو يسابق الزمن.. كما قال أمس الأول فى «السادات»، وهذا لب استراتيجية السيسى.

ولقد كنت دائماً أتساءل، بل أتعجب، من غياب الاهتمام بصناعات الغزل والنسيج فى السنوات الأخيرة.. لأننى أراها تصل إلى كل بيت.. ولا تنسوا المدن الصناعية التى قامت - زمان - على هذه الصناعات فى المحلة، وكفر الدوار، وكفر الزيات ودمياط وحلوان.. وحتى مدن الصعيد - أيام عبدالناصر - وفى رأيى أن العودة إلى الاهتمام بصناعات الغزل والنسيج عودة إلى الحق.. بل سيعيد الاهتمام بزراعة القطن المصرى.. ولمن لا يعلم أن الجانب الأكبر من وارداتنا من الخارج من هذه الملابس الجاهزة، وسوف يصل عدد مستهلكيها إلى 100 مليون إنسان.

■ ■ هنا أتساءل - كرجل مهتم بالصناعة منذ كنت محرراً لشؤون الصناعة فى صحف أخبار اليوم منذ أواخر الخمسينيات - هل اهتمامنا الحالى بإعادة إحياء صناعة الغزل والنسيج يعنى أننا فقدنا الأمل فى «إصلاح وتطوير» المصانع القديمة.. وما أكثرها فى مصر!.. خصوصاً أن هذه المصانع لم تنل أى تطوير أو إصلاح منذ بدأنا «جريمة الخصخصة»، وتركناها تتحول إلى خردة، خسائرها أكثر من إنتاجها.. وبسبب العمالة.. وحقوقها.. وأين تذهب هذه العمالة؟!

■ ■ أم أن تطوير مصانع الغزل والنسيج القديمة يحتاج فترة أطول من أن نقيم أو ننشئ مصانع جديدة.. أم أن العمالة الكثيفة التى تم تحميلها على هذه المصانع هى سبب خسائرها.. ولذلك - هناك - من رأى أن الأفضل ترك القديم يموت.. وأن ننشئ مصانع جديدة.. فهذا أفضل وأسرع.. وأحدث؟!

■ ■ وماذا عن عمالة المصانع القديمة.. هل تخرج «معاشاً مبكراً» ليبيعوا بطاطا مشوية وذرة مشوى وربما الحلبسة؟! كما حدث لدمياط، مهد صناعة الحرير الميكانيكى.. مطلوب رأى قاطع من القيادة السياسية حول حاضر ومستقبل المصانع القديمة.. فإذا لم يتيسر فلماذا لا يخرج المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، ليشرح لنا الاستراتيجية الجديدة؟!

وإنا لمنتظرون!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف