عماد رحيم
التعديل الوزارى خطوة على الطريق
فجأة بدأت تترد الأنباء حول وجود تعديل وزارى، وأخذ الناس يتساءلون، ما الغرض منه فى هذا التوقيت؟ وبسرعة غير معتادة، تم، دون مماطلة، مثلما كان يحدث فى الفترات السابقة.
جهود دءوبة، تشعرك بأن العمل يسير دون توقف، كالقطار الذى يأبى أن يقف قبل انتهاء رحلته، أيا تكن المعوقات. وأيضا على غير المعتاد، شهدنا طحينا دون أن نسمع ضجيجاً.
آلية البناء والانجاز، تبهرك، كثرة المشروعات التى انتهى العمل بها، تستدعى كامل الانتباه، وأنت تتابع افتتاح الرئيس لها، قمة الجدية و الحيوية والنشاط.
فنحن وبصدق نصنع الأمل بحرفية رائعة، بعزيمة صلبة نخطط الأحلام الصعبة، ونعرف كيف نحققها، لم يرض الرئيس بالمسكنات التى خدرتنا طيلة عقود كثيرة، وراهن على قوة الشعب وتكاتفه حول قيادته، وكسب الرهان.
أجواء العمل المضنى، تستلزم وجود فريق قادر على البناء والتنمية، فريق مدرك لواقعنا الصعب، من خلال رؤية واضحة له، مع الخبرة اللازمة والحنكة المطلوبة ينبغ التميز والإبداع.
لذلك يكون من المنطقى حدوث تعديلات فى الفريق، إذا تطلب الأمر، من هنا يمكن تفسير حدوث التعديلات الوزارية الأخيرة، فبإلقاء الضوء على الحقائب الأربع يتضح ما يلى.
الثقافة، باتت باهتة بلا معنى، وفقدت بريقها تماما، وخفت الشعور بوجودها، حتى أصبح الحديث عنها طرفة، قد لا تكون وزارة خدمية أو اقتصادية، ولكنها وزارة مؤثرة، فالثقافة معنية بالمعرفة والتنوير والتبصير، وهو ما افتقدناه أخيرا بشكل مزعج.
تمتلك وزارة الثقافة من الأدوات، ما يعيد لمصر استعادة قوتها الناعمة مرة أخرى، تلك القوة التى جعلتها يوما ما، قبلة المثقفين فى شتى بقاع الأرض، كما أن عليها استعادة دورها فى نشر الوعى ومحاربة التطرف الفكرى، الذى شكل معيناً مؤسفا للإرهاب.
أما السياحة، فراحت تغط فى سبات عميق، وتعلقنا بخيط رفيع جدا، مدلوله يدور حول عودة السياحة الروسية، باعتبارها المخلص لكل أزماتنا، ونسينا أننا نملك ثلث آثار العالم، إضافة لامتلاكنا كل مقومات السياحة العلاجية والدينية بلا منازع، وشواطىء ساحرة يميزها مناخها المعتدل، سيقول أحد القراء، إننا محاصرون بمؤامرات مرهقة، تسعى لتكبيلنا، وأقول ماذا فعلنا لمواجهتها، لاشىء، سوى ندب حظنا على فراق الرحلات الروسية لسمائنا!
هل يعقل ألا نستثمر رحلة العائلة المقدسة فى مصر، أو الوادى المقدس الذى كلم الله فيه نبيه موسى، هل نفتقد الإمكانات أم القدرات التى تتيح لنا الاستفادة من هذه الأماكن؟
وبالمرور على حقيبة قطاع الأعمال، نلاحظ أن هذا القطاع أصابته السكتة، رغم أنه قطاع متخم بالعمالة الكثيفة، التى تمتلك من المهارات ما يجعلها متفوقة على أقرانها فى أى مكان آخر.
ورغم ذلك تراهم كاسدين، فهم لا يملكون من أمرهم شيئاً، ينتظرون من يفجر طاقاتهم، ويخرج مواهبهم، هل يعود هذا القطاع لعهد كان فيه قاطرة الصناعة المصرية، لسنوات كثيرة، إلى أن توغل الفساد ولاحقه، وسعى لتدميره، لحساب فئة قليلة، جنت عليه، وهمشته، لا أبالغ حينما أقول، أن هناك منتجات لهذا القطاع مر على إنتاجها عقود ومازالت تعمل بكفاءة حتى اليوم. بما يجعلنا نطمح فى استعادته وضعاً يجعله يتبوأ مكانة متميزة، تكون عوناً فى تقليل الفجوة بين ما نصنعه ونستورده، إضافة لتوفير فرص عمل جيدة للشباب، وهذا يحيلنا إلى ضرورة الاهتمام بالتعليم الفنى لتوفير التخصصات اللازمة والكفاءة المطلوبة، فهل نستطيع؟ أتمنى أن تكون وزارة قطاع الأعمال نموذجاً رائدا يستحق الاشادة قريبا. خاصة أن القطاع يمتلك بنية أساسية جيدة، إعادة تدويرها بشكل سليم يتوافق مع متطلبات العصر، يكسبنا ميزة نسبية.
وبالوصول لحقيبة التنمية المحلية، سنجد ترهلا مزمنا، من بيروقراطية مقيتة للمحليات، أكل عليها الزمن وشرب، وفساد مؤلم، جثم على صدور المصريين، وفرض نفسه، وأضحى واقعاً مظلماً، ينهش فى مقدراتنا، بالأمس القريب، تم القبض على نائب محافظ، والأحد الماضى، تم القبض على محافظ بتهمة الرشوة! فى مفاجأة من العيار الثقيل، فهى المرة الأولى، التى يلقى فيها القبض على مسئول رفيع، أثناء خدمته، بخلاف ما حدث مع وزير الزراعة الأسبق، فقد تم القبض عليه فور تقديمه استقالته.
بما يؤكد أن الحرب على الفساد لا تميز بين موظف صغير أو كبير، وإذا كانت التحية واجبة لهيئة الرقابة الإدارية، على ملاحقتها للفساد بضراوة، فيجب ألا نغفل، أن الفضل الأول للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أعطى تعليماته الواضحة، بملاحقة الفاسدين فى كل المواقع، فالفساد لم يك وليد المرحلة الحالية، ولكنه ابن لمراحل كثيرة سابقة، لذلك، يجب أن يقع على عاتق وزارة التنمية المحلية مسئولية كبيرة، صوب معالجة الثغرات بمنظومة المحليات، وتحويلها إلى شعلة نشاط، وإكسابها الشفافية اللازمة، بعد أن كسا الغموض ثناياها وأمسى تعامل الناس مع موظفيها، معاناة بلا داع.
إننا نسير بخطى واعدة، واثقة من تحقيق إنجاز تلو الآخر، خطى تحظى باحترام المواطن وبتقديره، خطى تحتاج لأناس من نوعية خاصة، تؤمن بالبناء وتسعى بجهد لا يمل للوصول لمعدل تنمية غير مسبوق.
ومن ثم يتضح أن التعديل الوزارى خطوة على الطريق الصحيح، قد تتبعها خطوات مشابهة فى مجالات مختلفة حتى يكتمل البناء بالشكل اللائق بنا وبصبرنا.