ربما لم يخل حديث أو حوار حتى بين الأصدقاء المقربين فى الفترة الأخيرة من التطرق إلى سباق الرئاسة المنتظر.. الكل يدلى بدلوه مؤيداً كان أو معارضاً.. الكل يبحث ويشكك ويحلل حتى وإن كان بعيداً عن المشهد السياسى ويفتقر إلى المعطيات الأساسية لمراقبة الصورة كاملة.. والواقع أننى -وعلى الرغم من اقتناعى الكامل أن سيادة الرئيس هو الأنسب لقيادة دفة هذا الوطن فى الأربع سنوات المقبلة- فإننى كنت سعيداً حين أعلن البعض أنهم قرروا الترشح للمنافسة!! الأمر لا يحمل تناقضاً من أى نوع.. فعلى الرغم من أن المشهد السياسى لم يفرز لنا طيلة أربع سنوات مضت من يلمع اسمه ويقترب من الناس بشكل كاف.. بل ويملك حلولاً للمشكلات الموجودة على الساحة بالشكل الذى يمكنه من طرح نفسه كبديل مناسب.. إلا أننى أؤمن أن بضدها تتميز الأشياء.. ووجود من يجد فى نفسه القدرة على حمل المسئولية يجعل الجميع يعقد المقارنات.. ويختار عن قناعة من الذى يصلح ليقود هذا الوطن لأربع سنوات مقبلة.. الطريف أنه منذ أن تم الإعلان عن جدول الانتخابات حتى ظهر مهرجان من الذين يرون فى أنفسهم أنهم الأصلح للرئاسة.. والذين لم يجدوا سوى المواطن المطحون ليجعلوا منه ورقة الرهان الرابحة لهم.. واستخدم الجميع كل القضايا الشائكة التى نواجهها سلاحاً ليلوح به للانتقاص مما تم خلال السنوات الأربع السابقة.. الكل بدأ فى تقمص دور الذى يشارك الناس أوجاعهم.. والكل بدأ فى الحديث عن أحلامه ونواياه التى تبدو أقرب للوهم منها لأرض الواقع.. دون أن يشرح أحدهم أين كانوا طوال تلك الفترة؟.. أين برنامجهم الذى أعدوه؟.. وأين الرؤية المختلفة التى يحملونها؟ أين كانت كل تلك الأحزاب التى أعلنت تقديم مرشحها لهذا المنصب؟.. لماذا لم يظهر على الأرض أى وجود لهم سواء بالقبول أو بالرفض لكل الأطروحات التى قدمها النظام خلال الفترة السابقة؟
إن ظهور مرشح رئاسى حقيقى ينبغى أن يستند إلى برنامج محدد له دراسات تم إعدادها بدقة ومن خبراء متخصصين فى المجالات المختلفة.. برنامج يحمل خطة زمنية لتنفيذه.. وحلولاً قابلة للتطبيق على الأرض.. مع آليات محددة لمحاسبة المقصر إن فشل!! والحقيقة الوحيدة الواضحة أن أحداً لم يحاول أن يبنى أرضية ثابتة للترشح خلال الفترة السابقة.. بل لم يحاول أحد حتى أن يبدأ فى الإعداد لبرنامج يلمس مشكلات الوطن الحقيقية.. واستخدم المرشحون -حتى هذه اللحظة- مفردات مطاطة عن الظلم والقهر والوطن المسلوب لاستقطاب البعض الذى يبحث عن المعارضة لذاتها!
أعرف أن من يبحث عن مستقبل حقيقى لوطن أن يبدأ من حيث انتهى من قبله.. وأن يبنى أحلامه وخططه على المعطيات التى حققها النظام الذى سبقه.. دون أن ينتقد ما تم من إنجازات أو يتهمه بالفشل الكامل.. لا شك أن إعلان خالد على والفريق عنان ترشحهما حتى لحظة كتابة هذه السطور.. والانتظار المترقب لما يستجد عليهما من أسماء غيرهما سيجعل الجميع يستوعب لماذا سينتخب الرئيس السيسى مرة أخرى.. وسيجعل البعض الذى يظن أنه يملك ناصية الحقيقة المطلقة.. ويملك الحق البين أن يعرف حجمه الحقيقى فى الشارع.. وأن يدرك أن ما يظن أنه أغلبية من حوله لا تشكل وجوداً حقيقياً بين الناس..! ربما كان أفضل ما حدث هو أن يظهر على السطح من يترشح أمام الرئيس.. ليعرف العالم كله.. لماذا سننتخب الرئيس!!