لا يخلو التاريخ دائماً من حكمة. وبين سطور صفحاته تكمن الدروس. التي غالباً ما لا ندركها في وقتها. وقد يحتاج منا استيعابها إلي سنوات.
في اعتقادي أن 25 يناير 2011م. واحداً من أهم الدروس التي أعاد شرحها تاريخ مصر. بتفاصيل وإن كانت تبدو جديدة. لكن المعني. والمغزي كلاهما قديم.
اختلفنا. ومازلنا. وعلي الأرجح سنظل أسري لاختلاف في الرأي طالما أفسد للود قضايا بين المصريين. حول ما إذا كان ما وقع في يناير ثورة بيضاء نبتت في الربيع العربي. وكان في طليعتها ¢الورد إللي فتح في جناين مصر¢. لتسقط نظام حكم. زحف علي رأسه ¢الشيب السياسي¢. وأصابت كل مفاصله الشيخوخة. وبدت جلية عليه كل أعراض الترهل. وضعف الرؤية. وكانت كل المؤشرات تنذر بأنه سيورث كل أمراضه لمن يحمل جيناته.. أم أنها مؤامرة سوداء. جري رسم كل خطوطها. وغزل خيوطها في ¢البيت الأبيض¢. لتسقط ورقة مصر في الخريف العربي.. أو لعلها ¢بين بين¢. بمعني أنه قام بها مَن كان يؤمن بأنها ثورة. ووجهه عن بُعد مَن خطط لها باعتبارها مؤامرة. وقاده علي الأرض مَن كان يعلم ما رُتِّب لها. وما سيترتب عليها.
أتصور أن لب القضية لم يعد الآن ماذا كانت ¢25 يناير¢.. بل إلامَ انتهت ¢25 يناير¢.. هذا هو درس التاريخ الجديد.. الدرس أنه لولا ¢25 يناير¢. ما وصلت جماعة الإخوان علي قدمي محمد مرسي إلي ¢قصر الاتحادية¢.. ولولا ¢25 يناير¢ ما كانت من الأصل ثورة ¢30 يونيو¢ علي حكم الإخوان.. ولولا ¢25 يناير¢ التي سقط بها مبارك. ومن بعدها ثار المصريون علي مرسي وجماعته. ما وصلنا إلي صفحة كتاب التاريخ الذي ناشدنا فيها المشير عبد الفتاح السيسيپأن يخلع بدلته العسكرية. ليجلس علي كرسي الرئاسة. ثم ها نحن الآن. بعد 4 سنوات من الإنجازات نطلب منه من جديد أن يستجيب للشارع. ويعاود الترشح لولاية ثانية.
لا كان قبل ¢25 يناير¢ في مخيلة مبارك. ومَن حوله. ومن كان يجهزه ليرث الحكم من بعده أن يسقط النظام في أيام.. ولا كان بعد ¢25 يناير¢ في مخيلة الإخوان. ولا مَن خطط لهم. واستخدمهم. أن يسقطوا هم بعد شهور من خطفهم للحكم.. ولا حتي كان في مخيلة الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه قبل ¢25 يناير¢ أنه مَن سيحكم مصر بعد الاثنين. بل وأن المصريين هم الذين سيناشدونه أن يحكم. وأن يظل في الحكم.. إنه ¢درس تاريخ¢.
تاريخ مصر يؤكد كذلك أن الشرعية الوحيدة التي تجعل المصريين يلتفون حول مَن يحكمهم هي ¢شرعية المشروع¢.. نعم. وباختصار يبقي في وجدان المصريين محمد علي الذي كان مؤسس مصر الحديثة. وكانت مصر الحديثة مشروعه.. هو مَن طلب منه المصريون أن يحكمهم.. وهو مَن شهدت مصر في حكمه نهضة زراعية. وصناعية. وتعليمية. وعسكرية.. اسم جمال عبد الناصر هو الآخر شاهد عيان علي فكرة ¢شرعية المشروع¢. ولم يكن اهتمامه فحسب بالنهوض الزراعي. والصناعي. والتعليمي. والعسكري. ولكن توازي مع ذلك سعي باتجاه عدالة اجتماعية علي المستوي الداخلي. ودور مصري فاعل. علي المستوي الخارجي.
الرئيس عبد الفتاح السيسي من نفس ¢فصيلة الحكام¢ التي تؤمن بشرعية الانجاز علي الأرض.. وتعي أهمية أن شرعية الحكم تتأسس علي مشروع.. مشروع الرجل ¢مصر الجديدة¢.. من اليوم الأول لولايته الأولي لم يهدأ.. ظل يسابق الأيام بمشروعات قومية عملاقة. ترسم في مجملها موقع مصر علي خريطة المستقبل.. وحدها مشروعاته. وأحلامه لمصر هي شرعيته.. هكذا يفهم معني الحكم.. وهكذا يفهم المصريون لماذا يريدون ¢السيسي¢پ 4 سنوات أخري. پپپپپ