الجمهورية
محمد نور الدين
"بلطجة" .. في مجتمع المسالمين
يبدو أن "بلطجة" البعض في الشارع المصري.. أصبحت أسلوب حياة.. فاليد باتت الوسيلة الأفضل لفض الخلافات. والسب والقذف الطريقة الأسرع لتبادل الحوار.. والسنجة والمطواة. أسهل الأدوات لإنهاء الجدل وحسم الصراع.
رغم كثرة الملتزمين والمحترمين.. إلا أن القلة من المنفلتين والمتسيبين شوَّهت صورة مجتمع المسالمين.. ونالت من المبادئ.. وغطت علي الوجه الحضاري.. فاهتز الانضباط وتحكم العنف.. توارت الشهامة والنخوة. وبرز الخوف والخنوع.. تراجعت الكلمة الطيبة.. وانتشرت الألفاظ البذيئة والتعبيرات الجارحة.. نَدَر السلوك الطيب.. وزادت الخلافات والمشاجرات.
الحوادث كثيرة. والمصادمات عديدة. والمشاجرات لا حصر لها.. والأمثلة بلا نهاية.. لعل أسوأها حينما أطلق 10 ملثمين النار علي فندق وأتلفوا محتوياته. وحطموا السيارات المتوقفة أمامه.. وأصابوا فرد أمن خاص.. بسبب الخلاف علي فاتورة الحساب.. أيضاً عندما وقع خلااً بين مجموعتين من الشباب.. لم يجدوا وسيلة لحسم الصدام.. سوي المبارزة بالسيوف والسنج.. وإراقة الدماء وسط الشارع.
بلطجية الشواطئ والكورنيش وأماكن التنزهات.. انضموا إلي الصورة المشوهة.. يفرضون الإتاوات.. يُغالون في تسعيرة المشروبات.. والضرب والسحل لمن يبدي امتعاضه.. كما ساهم سائقو الميكروباص والتوك توك في تسويد الصورة.. بالوقوف في الممنوع. والسير عكس الاتجاه. وإحداث الصخب والضوضاء.. والمغامرة بأرواح الركاب بالتسابق علي أولوية المرور.
حتي أصحاب المحلات.. استباحوا الأرصفة والطرقات.. وفرشوا بضاعتهم في عرض الشارع.. فازداد المرور اختناقاً. والطرق ازدحاماً.. واندلعت المشاجرات بين البائعين والمارة.. ثم جاء "التحرش" ليضاعف من الانحدار وسوء الأخلاق والعبث بالقيم والمبادئ.
أكبر خطأ.. إرجاع "البلطجة" إلي أسباب اقتصادية.. بدليل أن أكثر من يمارس العنف من ميسوري الحال.. وساكني الحي الراقي.. يلقي بالقمامة في عرض الطريق.. تماماً مثل ساكن العشوائيات.. بل يشاركان معاً في تشويه الجدران. واحتلال الأرصفة بالسيارات. وعدم الالتزام بالعقلانية عند وقوع خلاف.. والعدوانية تسبق أي حوار إن تعارضت المصالح.
إنها السلبية واللامبالاة.. الأنا والنرجسية.. ضعف الوازع الديني.. تدني المستوي الثقافي.. الطمع والاستغلال.. كلها أسباب أدت لتفاقم الظاهرة.. ولن يقضي عليها إلا تصحيح المفاهيم. والتطبيق الحاسم للقانون.. وإجراء المحاكمات العاجلة لكل بلطجي يحاول ترويع الآمنين.. وسلب حقوق الآخرين.
لقد تقدمت مسيرة البناء.. وانطلقت عملية الإصلاح والتنمية. وارتفعت صروحات النهضة والتطور.. وبالتالي لابد أن يوازيها نهضة أخلاقية بإحياء القيم.. وإثراء المبادئ.. وبعقد ندوات التوعية.. وبنصح وإرشاد الدعاة.. وبتفعيل القانون. وحسم وبتر المخطئ والمتجاوز.. لكي تتواري القلة المنفلتة.. وتتصدر الأغلبية الملتزمة المشهد الحضاري للمجتمع المصري.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف