أصبح عندنا ست وزيرات في الحكومة المصرية من مجموع أربعة وثلاثين وزيرًا. خطوة مبشرة بتوجه حضاري، يسعي لتطوير الأداء وتغيير المفاهيم الرجعية العقيمة التي تنظر بدونية إلي المرأة، وتقلل من قدرتها علي صنع فارق في مجال عملها إذا ما منحت الثقة، وسمح لها بالدخول إلي دوائر صنع القرار.
أول من فعلها كان الرئيس جمال عبد الناصر عام 1962 عندما عين الدكتورة حكمت أبو زيد أول وزيرة مصرية لوزارة الشئون الاجتماعية، وكان ذلك وقتها حدثا كبيرا، تابعته وأبرزته وسائل الإعلام العربية والعالمية. وسارت الأمور بعد ذلك ببطء ليزيد عدد الوزيرات المصريات إلي اثنتين، فثلاث، فأربع، والآن وصلنا لرقم ست. العبرة ليست في زيادة عددهن ولكن في نوعية الحقائب التي تحملها كل منهن. نظرة سريعة علي المجالات التي تخدم فيها المرأة المصرية الآن كوزيرة تعطينا مؤشرا لأهمية الدور المطلوب منهن جميعا. وزارات التضامن، التخطيط، الاستثمار والتعاون الدولي، الهجرة، الثقافة، والسياحة.
سبع وزارت في منتهي الأهمية، ورقم سبعة عائد إلي أن الدكتورة سحر نصر تتولي وزارتين في نفس الوقت التعاون الدولي والاستثمار. الوزيرة غادة والي المستمرة في منصبها منذ أربع سنوات أثبتت كفاءة وعطاء وتغييراً صنع فارقا في "وزارة الفقراء" في مصر التضامن، لذلك يصبح تغييرها أمرا صعبا وملء فراغها أصعب وأصعب. كذلك دكتورة سحر نصر التي تتولي وزارتين تعدان من أخطر وأهم الوزارت التي تتولي ملف الاقتصاد والاستثمار وهما عصبا التنمية والنهوض بمصر. الدكتورة نبيلة مكرم تتعامل مع ملف الهجرة والمصريين في الخارج بحب وتفاعل حقيقي، وتجعل المواطن المغترب يشعر أن له ظهراً في وطنه. الدكتورة هالة السعيد تتولي مهمة التخطيط وهي رمانة الميزان التي تنظر إلي المستقبل وتعمل علي جعله أفضل.
وصولا إلي الدكتورة إيناس عبد الدايم التي تولت منصب وزيرة الثقافة كأول سيدة تتولي هذا المنصب في مصر، ورانيا المشاط وزيرة السياحة وهي كذلك أول امرأة تتولي تلك الحقيبة في مصر.
أري مهمة دكتورة إيناس صعبة، لكنها ليست مستحيلة، كيف تستعيد قوة مصر الناعمة؟ كيف تنهض بصناعة من أهم صناعات مصر "صناعة السينما" وكيف تستعيد الدور المهم والحيوي لقصور الثقافة علي مستوي الجمهورية لتصبح السلاح الحقيقي لمواجهة الفكر المتطرف ومحاربة الإرهاب. في رأيي لو استطاعت إيناس عبد الدايم التركيز علي هذين الملفين فقط وتمكنت من إحداث فارق فيهما فسوف تترك بصمة لا تنسي في تاريخ الثقافة المصرية.
الفيلم المصري كان سفيرا فوق العادة لمصر، وأحد أهم عناصر التأثير والتواصل الذي يتجاوز السياسة ويربط بيننا وبين الشعوب العربية كافة. اللهجة المصرية أصبحت معروفة ومحببة عند مواطني كل الشعوب العربية بفضل السينما المصرية، فمتي يعود الفيلم المصري إلي عرشه؟
أما قصور الثقافة فقد كانت مصنع المواهب ومفرخة الإبداع في محافظات مصر المختلفة، والآن أري أننا في حاجة إلي إشعال الحركة والحماس في تلك الأبنية الميتة، وإحيائها من جديد لتخرج لنا نجوماً جدداً في كل مجالات الفن والإبداع. الفن وحده قادر علي مواجهة الفكر الظلامي، زراعة الأمل، وغرس قيم العمل والاعتزاز بالهوية.
دكتورة رانيا المشاط.. نتوقع منك فكرا مختلفا في مجال السياحة الذي تنعقد عليه الآمال للخروج من عنق الزجاجة وإنعاش الاقتصاد المصري بالعملة الصعبة. مصر من أجمل بلاد العالم ومقاصدها السياحية فريدة، عديدة، ومتنوعة. تحتاج لفكر متحرر جدا يخرج من الأطر الروتينية الجامدة ويستغل كنوز مصر بصنع خطة مدروسة تتضمن أنواعاً مختلفة من السياحة. مصر جميلة.. مصر جميلة.. خليك فاكر مصر جميلة. علي رأي مخرجتنا المبدعة ساندرا نشأت.
النساء القادرات المؤهلات علي أعلي مستوي، اللاتي يحملن الوطن في قلوبهن، وحب النجاح والإنجاز الذي يصنع فارقا في عقولهن. أتمني أن تصنعن النقلة المبتغاة في أداء الحكومة في الفترة القادمة إن شاء الله، وأن تتحقق أمنيتي الكبيرة برؤية نصف الحكومة المصرية من النساء كما في فرنسا. لا شيء بعيد الآن في ظل وجود قيادة تؤمن بقدرات المرأة وتدفعها لتأخذ مكانها الطبيعي في المجتمع. شكرا سيادة الرئيس.