لتسمح لي الصديقة د. نجوي كامل أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة أن أستعير عنوان هذا المقال من بوست نشرته عبر صفحتها علي »الفسبوك» منذ أيام بعدما وجدته يلخص بكلماته الثلاث ما أريد أن أطرحه في السطور القادمة منتقداً وبشدة حالة التربص التي تسود علاقاتنا حتي أصبح كل منا يتصيد أي خطأ لشخصية عامة حتي ينهال عليه طعناً بكل أنواع الأسلحة.
سوء النية يسبق دائماً حسن النية والرغبة في التجريح وتشويه الصورة تتصدر المشهد في كل الأحوال .. لا أحد يعطي لنفسه فرصة لتدبر معني أي تصريح أو كلام يقال .. لا أحد يأخذ ما قيل بحسن نية .. وكيف يفعل ذلك بعدما أصبح الهدف دائما هو إشعال الحرائق وتأجيج الخلافات وإرهاب المسئولين؟
الحرائق تبدأ من مواقع التواصل الاجتماعي ويتلقفها إعلاميون أو صحفيون لا يقدرون مسئولية مواقعهم ولا دورهم في توعية الرأي العام لا إثارته وتأليبه ضد هذا المسئول أو ذاك.
أقول هذا لأنني لو كنت إعلاميا أو صحفياً موضوعيا أحكم عقلي قبل أذني فيما يقوله أي مسئول لما انسقت أبداً وراء تلك الثورة التي أشعلتها مواقع التواصل الاجتماعي ضد وزير التنمية المحلية الجديد اللواء أبو بكر الجندي بسبب ما جاء علي لسانه بشأن الصعايدة في معرض حديثه للإعلامي تامر أمين عن أولوياته في الفترة القادمة.. لو كنت اعلاميا أو صحفياً موضوعيا لاستوعبت بسهولة معني كلام الوزير وما يقصده خاصة أنه أكد في بداية كلامه أن الأولوية ستكون للصعيد الذي حرم سنوات طويلة من الخدمات مما اضطر أهله للهجرة إلي القاهرة والمدن الكبري في الوجه البحري بحثاً عن الرزق لهذا - وكما قال الوزير - سيهتم بتنمية الصعيد حتي لا يضطر أبناؤه إلي الهجرة.. وعندما قال إن التنمية التي يستهدفها ستجعل الصعايدة لا يركبون القطار إلي القاهرة فيتسببون في العشوائيات التي تعاني منها العاصمة قامت الدنيا ولم تقعد واعتبر أصحاب النفوس المريضة أن ما قاله الوزير إهانة للصعايدة فأثاروا الرأي العام ضده حتي إن النواب الصعايدة اعتبروا كلامه جريمة يجب أن يحاسب عليها وسارعوا بتقديم الأسئلة وطلبات الاحاطة حول هذا الحدث »الجلل» وأكدوا إصرارهم علي أن يعتذر الوزير قبل أن يدخل مكتبه !
وللأسف .. وجدوا في برامج التوك شو »الهايفة» متسعاً للهجوم علي الوزير بمشاركة بعض مقدمي هذه البرامج خاصة الصعايدة منهم الذين شاركوا النواب ومثيري الفتنة في وسائل التواصل الاجتماعي الهجوم علي الوزير والإصرار علي أن يعتذر حتي إن أحدهم قال »لو لم يعتذر الوزير لابد أن تعتذر الحكومة وإذا لم تعتذر الحكومة فلتعتذر أعلي سلطة في البلد!!
ما هذا الهراء وهذه العصبية في تناول أمور لو أخذت بحسن نية ما اشتعلت هذه الثورة ضد الوزير المشهود له بالكفاءة والانضباط طوال سنوات رئاسته للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ما أحزنني أن الوزير رضخ أمام الهجوم عليه وقال عبر الفضائيات إذا كان كلامي قد فهم خطأ فأنا أعتذر.. وكنت أتمني أن يتمسك بسلامة موقفه.
ما قاله الوزير يقودنا إلي الحديث عن الفرق بين الوزير السياسي الذي يقول كل كلمة بميزان من ذهب حتي لا يسقط في فخ إساءة التعبير والوزير الطيب »اللي علي نياته» لكنه قد يفلت منه لفظ يثير مشاكل هو في غني عنها.
علي مدي ٤٢ عاما تابعت فيها نشاط البرلمان عاصرت أحداثاً ووقائع عديدة لوزراء خانهم التعبير أحيانا فوقعوا تحت مقصلة النواب ولهذا كانت هناك دعوة دائمة لاختيار الوزراء من الشخصيات السياسية التي تجيد قياس الرأي العام حتي ينجحوا في التعامل معه.
المحاسبة قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات كانت تتم غالباً من خلال النواب والصحف فقط أما الآن فقد أصبح الجلادون والجزارون كثراً وأصبح التصيد أسلوب حياة كما قالت د. نجوي كامل.