كان هناك رجل منحه الله سبحانه وتعالى مالا كثيرا وكان كريما جدا مع أهله وأصحابه. وذات يوم خسر كل ماله وأصبح فقيرا ولم يعد حوله أحد فقالت له زوجته وهى تؤنبه: ما رأيت فى حياتى أسوأ من أهلك وأصحابك، فقد انفضوا من حولك بمجرد أنك اصبحت فقيرا ولا تستطيع أن تكرمهم كما كنت تفعل من قبل، فتبسم الرجل وقال لها والله هذا من كرم أخلاقهم فهم يأتون لى فى حال قدرتى على اكرامهم ويبتعدون عنى حينما أكون عاجزا عن اكرامهم حتى لا يحرجونى.

سبحان الله .. لقد استطاع الرجل من شدة كرمه أن يفسر هذا التصرف القبيح من أهله وأصحابه بأنه تصرف نبيل منهم، حيث تحول فى نظره ظاهر غدرهم الى وفاء وهذا دليل على أن طيبة القلب ورحابة الصدر يمكن أن تصبح مصدرا لسعادتنا فى الدنيا والآخرة.

تذكرت تلك الحكاية حينما كنت اتجول فى الأقصر ورأيت عسكرى مرور قام بإيقاف سيارة كان يقودها شاب لم يكن يستخدم حزام الأمان فسأله العسكرى عن ــ الحزام ــ فقال له إنه كان يستخدمه وأنه أزاله منذ لحظات حتى يستطيع ان يمسك بابنه الذى كاد يقع من فوق الكرسى المجاور له، وأكد له أنه كان سيقوم باستخدامه بعد ذلك .. فتعجبت من رد فعل عسكرى المرور حيث قال له انا مصدقك بس قول «والله العظيم كنت باستخدم الحزام» فاقسم له قائد السيارة فما كان منه إلا أن تركه يمضى الى حال سبيله. وكأن شيئا لم يحدث.. هكذا فعلت طيبة قلب العسكرى، فبكل تأكيد لن يجرؤ هذا المواطن على مخالفة تعليمات المرور مرة أخرى حتى لا يضع نفسه فى هذا الموقف.

ما حدث أمامى جعلنى أردد بينى وبين نفسى «ﺃﺣـﺴﻦ ﺍﻟـﻈﻦ بالآخرين .. ﻭ التمس ﻷﺧﻴﻚ 70 ﻋـﺬﺭﺍً» .