الأهرام
عماد عبد الراضى
"25 يناير" ثورة جعلتني أحب حسني مبارك
لا يمكن أن ينكر أحدٌ أن عصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كان مليئًا بالسلبيات، لكن لا ينكر أيضًا إلا جاحدٌ أن نفس العصر كان فيه من الإيجابيات ما يستحق أن نتحدث عنه، بل ونشيد به، وأعتقد أنه كلما مر الزمن فإن هذه الحقيقة تتضح بشكل أكبر، ويتأكد الجميع أن هناك أمورًا مهمة لم يلحظها البعض، وتناساها البعض الآخر عن عمد، وهي أمور تصب كلها في مصلحة الرئيس الأسبق.

الكلمات السابقة جالت بفكري عندما تذكرت أنه بعد أيام قلائل ستحل ذكرى ذلك الشيء الذي يسمونه "ثورة يناير".. تلك التي تعاني البلاد حتى اليوم من سيل مصائبها الذي يبدو أنه لن ينتهي في وقت قريب، والذي يتعمد أصحاب المصالح ألا يرونه، ويكفيها سوءًا أنها وضعت البلاد في فتنة سياسية وأمنية لم يعد المصري يأمن فيها علي نفسه وماله وعياله، وأزمة اقتصادية أدعو الله أن يسلمنا من تبعاتها الوخيمة.

ومن الأوجه السيئة، والكثيرة، لتلك الذكرى أيضًا أنها وضعتنا بين شقي رحي متمثل في الإخوان ومن شايعهم في جانب، واليساريين في جانب آخر، فالإخوان اعتبروها فرصة للقفز على السلطة، وقد فعلوا وفشلوا فلجأوا إلى تكفير الناس وإراقة دمائهم تنفيذًا لوصايا زعيمهم الأكبر سيد قطب "ينبوع التكفير في العصر الحديث"، واليساريون لا يألون جهدًا في نشر الفتن بين المصريين، فلم يصعد حاكم إلي سدة الحكم خلال السنوات الماضية إلا ووضعوه تحت مقاصل النقد والتجريح، فيستخدمون الصحف ومواقع الإنترنت وشبكات التخريب الاجتماعي في بث سمومهم وتأليب أصحاب النفوس الضعيفة على حكام مصر وجيشها وشرطتها، وهؤلاء لو قدَّر الله أن يحكمنا ملاك ينزل من السماء لما اختلف موقفهم، فسيعددون له عيوبًا غير موجودة، وسيبثون سموم الحقد والضغائن في النفوس تجاهه كما يفعلون الآن، وكما فعلوا من قبل، حتى لتشعر بأنهم لا يريدون للبلاد أن تهدأ، ولا للمصريين أن يهنأوا يومًا باستقرار افتقدوه لسنوات.

وبين أولئك وهؤلاء، وغيرهم من أصحاب المصالح، يوشك المواطن المصري على الضياع، ذلك المواطن البسيط الذي لا يطمع في سلطة، ولا يطمح إلي تحقيق مصالح شخصية باسم الإصلاح أو العدالة الاجتماعية أو غيرها من المصطلحات الكاذبة الرنانة، وهو نفسه ذلك المواطن الذي ذاق، وحده، مرارة ولَّدها شؤم معصية الخروج والثورة على حاكم مسلم، تلك المرارة التي لم يذُقها أصحاب المصالح ممن تكسبوا من أحداث ذلك اليوم.

وعودٌ على بدء، فإنني قبل يوم 25 يناير لم أكن أحب مبارك، وكنت أتعامل معه، فقط، من منطلق أنه حاكم مسلم له علىَّ حق السمع والطاعة في غير معصية الله، ولكني بعد ذلك اليوم وجدته أفضل ألف مرة من ديكتاتورية الميدان والمصالح الشخصية لأبطاله المزعومين، ولذلك فإني لا أخاف ولا أخجل وأنا أقول: إن ثورة يناير هي التي جعلتنى أحب مبارك.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف