الوفد
سناء السعيد
مفارقة صادمة 2 / 2
بدت المفارقة صادمة بين رد فعل عبدالحميد حكيم مدير معهد أبحاث الشرق الأوسط الذى تماهى مع قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبين المؤرخ الإسرائيلى البروفيسور «إيلان بابى» المنتمى لتيار المؤرخين الجدد الذين قاموا بإعادة كتابة التاريخ الصهيونى، وتعرض للنقد بسبب تأييده للحقوق الفلسطينية فى عودة اللاجئين ومقاومة الاحتلال. ويعد من أبرز دعاة حل الدولة للقضية الفلسطينية، كما أنه من مؤيدى مقاطعة المؤسسات التعليمية الإسرائيلية. نطق «بابى» بشهادة حق تجسد فى مضمونها وثيقة تطهيرية لم تصدر من العرب أنفسهم عندما أعلن أن ترامب يجهل تاريخ الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، ولا يعى أبدا مدى خطورة قراره حول إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وأن هذا القرار كان بمثابة ضوء أخضر لإسرائيل كى تندفع صوب انتهاك القانون الدولى وممارسة العنف بالمنطقة.

وفى معرض تحليل «بابى» للأسباب التى حدت بترامب إلى اتخاذ هذا القرار قال: إنه يعانى أزمات ومعارضة شديدة جدا فى سياسته الداخلية فى أمريكا، بالإضافة إلى جهله بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى الذى لا يملك أى معلومات أو فكرة عن تاريخه، كما أنه لا يعى مدى خطورة القرار الذى اتخذه ولا النتائج التى يمكن أن تتمخض عنه. وحذر من أن أمريكا لن تسلم من النتائج السلبية لهذا القرار، والذى سيكون بمثابة قنبلة جديدة للنظام العالمى الفاسد أصلا. وبالتالى لن تكون أمريكا قوة مؤثرة فى مستقبل العالم. وشدد على أن احتمالية تحقيق نتيجة إيجابية فى مباحثات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل بوساطة أمريكية لم تعد موجودة، كما أن نموذج حل الدولتين قد فقد مصداقيته.

واتهم «بابى» إسرائيل بتحويل فلسطين إلى مستعمرة، وأن نموذج حل الدولتين قد فشل منذ وقت بعيد بسبب المستوطنات الإسرائيلية والانتهاكات القانونية، فضلا عن العنف المفرط الممارس ضد الفلسطينيين، وتوقع أن يؤدى قرار ترامب إلى انتفاضة ستشمل العالمين العربى والإسلامى، ولن تقتصر فقط على الداخل الفلسطينى، وأن نتائج القرار ستكون وخيمة للغاية خلال المرحلة القادمة. وقال: علينا اقناع المجتمع الدولى بأن اسرائيل دولة احتلال، وأن نقنع الدول الغربية بضرورة مقاطعتها وممارسة الضغط عليها. ودعا إلى ايجاد حل يمنع تحويل فلسطين إلى مستعمرة اسرائيلية، والانتقال إلى نموذج ديموقراطى لافتًا إلى عدم وجود عقوبات ضد انتهاكات اسرائيل للقانون الدولى منذ تأسيسها. ودعا منظمات المجتمع المدنى إلى ممارسة الضغوط على حكومات الدول التى تنشط إسرائيل فيها وقال: أنا واثق جدا، وكونوا أنتم على ثقة أيضا بأننا سنتخلص حتما فى المستقبل من ترامب وإسرائيل. وهكذا يكون البون شاسعا بين المؤرخ الإسرائيلى الذى أنصف الحق وبين المدعو عبدالحميد حكيم الذى ضاجع الباطل.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف